نام کتاب : رسائل إلى القرابة المظلومة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 89
لكنهم للأسف لم يفعلوا مع أنهم كانوا يسمعون نداء الإمام علي،
وهو يخبرهم كل حين عن علومه، وأنه لم يتلق شيئا من مصدر خارجي غير مصدر النبوة..
ومع أنه عمّر طويلا بينهم.. وأنه كان معه aفي كل حياته، لم يفارقه
أبدا.. وقد روي أن بعض الجاهلين بقدره، أراد
أن يحرجه، فقال له: يا أمير المؤمنين، فما كان ينزل عليه، وأنت غائب عنه؟ فأجابه
الإمام علي بقوله: (كان يحفظ عليّ رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ما كان ينزل عليه من القرآن، وأنا
غائب عنه، حتّى أقدم عليه فيقرأنيه، ويقول: يا عليّ، أنزل الله بعدك عليّ كذا
وكذا، وتأويله كذا وكذا، فيعلّمني تنزيله وتأويله)[1]
بل إن سعيد بن المسيّب، وفي الزمن الذي تولى فيه الطلقاء، شهد
له بذلك، وكان يقول: (لم يكن أحد من الصحابة يقول: سلوني، إلاّ عليّ بن أبي طالب)[2]
لكن الأمة للأسف عزلته.. وفارقته.. وراحت للطلقاء وأبناء
الطلقاء.. واليهود وتلاميذ اليهود تأخذ عنهم التجسيم والخرافة وكل القيم التي لا
علاقة لها بالدين..
وكان الإمام علي ينظر إليهم متأسفا حزينا، مثلما يحزن الطبيب
الذي يجد الناس يلجؤون إلى المشعوذين والرقاة، ويتركون الأطباء والمتخصصين..
وكان يردد محذرا من المصير الذي ستصير إليه الأمة بسبب ذلك
الإبعاد: (لو تعلمون ما أعلم ممّا طوي
عنكم غيبه، إذا لخرجتم إلى الصّعدات تبكون على أعمالكم، وتلتدمون على أنفسكم،
ولتركتم أموالكم لا حارس لها ولا خالف عليها، ولهمّت كلّ امرئ منكم نفسه لا يلتفت
إلى غيرها.. ولكنّكم نسيتم ما ذكّرتم، وأمنتم ما حذّرتم، فتاه عنكم رأيكم، وتشتّت
عليكم أمركم، ولوددت أنّ الله فرّق بيني وبينكم، وألحقني بمن هو