وبعث لك آخر بمثلها، فرددتها، وقلت: (ما وجد عبدا لله تعالى هو أهون عليه مني؟ سمعت رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم يقول: (من سأل وله أربعون فقد ألحف)، ولآل أبي ذر أربعون درهما، وأربعون شاة، وماهنان) [1]

لقد كنت تعلم أن كل التحريفات التي حصلت للدين سببها أهواء الدنيا، والتكالب على شهواتها، ولذلك كنت تدعو إلى الزهد بلسانك وفعالك، وقد قلت لمن نصحك أن تتخذ الضيعات التي اتخذها غيرك: (وما أصنع بأن أكون أميرا؟ وإنما يكفيني كل يوم شربة ماء أو لبن، وفي الجمعة قفيز من قمح) [2]

وكنت تقول لهم: (كان قوتي على عهد رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم صاعا، فلا أزيد عليه حتى ألقى الله عز وجل) [3]ورآك بعضهم في منفاك بصحراء الربذة في ظلة سوداء، ومعك زوجتك الوفية، وعندما رأى كبر سنها نصحك بأن تتزوج، فقلت له: (لأن أتزوج امرأة تضعني أحب إلي من امرأة ترفعني) [4]وجاءك رجل، فعرض عليك نفقة، فقلت: (عندنا أعنز نحلبها، وحمر تنقل، ومحررة تخدمنا، وفضل عباءة عن كسوتنا، وإني أخاف أن أحاسب على الفضل) [5]

وهكذا قضيت حياتك على العهد الذي عاهدت به رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم، لم تغير ولم

[1] المرجع السابق.

[2] المرجع السابق.

[3] المرجع السابق.

[4] المرجع السابق.

[5] المرجع السابق.