نام کتاب : رسائل إلى الصحابة المنتجبين نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 21
بل إنه
ولي قبل ذلك، فقد ولاه عمر على البحرين سنة 21هـ، ثم عزله بعد أن بلغته عنه أشياء
تخل بأمانة الوالي، وولى مكانه عثمان بن أبي العاص الثقفي، فقد روي أنه قدم بعشرة
آلاف، وهو مبلغ ضخم جدا في ذلك الحين وفي هذا الحين، فقال له عمر: استأثرت بهذه
الأموال يا عدو الله وعدو كتابه؟ فقال أبو هريرة: لست بعدو الله وعدو كتابه، ولكني
عدو من عاداهما، فقال له عمر: فمن أين هي لك؟ قال أبو هريرة: خيل نتجت، وغلة رقيق
لي، وأعطية تتابعت علي[1].
وفي
رواية أن عمر قال لأبي هريرة: (كيف وجدت الإمارة يا أبا هريرة؟ قال: بعثتني وأنا
كاره، ونزعتني وقد أحببتها، وأتاه بأربعمائة ألف من البحرين، فقال: أظلمت أحدا،
قال: لا، قال: أأخذت شيئا بغير حقه؟ قال: لا، قال: فما جئت به لنفسك؟ قال: عشرين
ألفا، قال: من أين أصبتها؟ قال: كنت أتجر، قال: فانظر رأس مالك ورزقك فخذه واجعل
الآخر في بيت المال[2].
لقد
روي كل هذا بفخر واعتزاز في نفس الوقت الذي كان فيه أولئك السابقون الصادقون
يعيشون كل أنواع الآلام والفقر، لا يلتفت لهم أحد.. ولا يهتم بهم أحد.. سواء في
حياتهم أو بعد وفاتهم..
وقد
روى المؤرخون الذين يعتبرونهم تلك المعاناة التي عاناها أبو ذر، حين نفي إلى
الربذة، وهي على بعد ثلاثة أيام من المدينة المنورة، لخلافه مع معاوية، مع كون أبي
[1] انظر: الطبقات الكبرى، ابن
سعد، (5/ 252). تاريخ دمشق، ابن عساكر، (67/370). سير أعلام النبلاء (2/612)