القول الأول: أنه زان يجب عليه الحد الشرعي،
وهو قول الحسن، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن - صاحبي أبي
حنيفة، قال السرخسي: (من زنا بابنته فانه يلزمه من الحد ما يلزمه إذا زنا
بالأجنبية لتغليظ جنايته هاهنا بكونها محرمة عليه على التأبيد)[2]
القول الثاني: أن يقتل فاعل ذلك محصنا كان أو غير محصن، وهو قول أحمد بن
حنبل، وإسحاق بن راهويه، وهو مذهب الإمامية، وهم أكبر من تشدد في ذلك، قال الشيخ
المفيد : (ومن زنى بذات محرم له، كعمته، أو خالته، أو بنت أخيه، أو بنت اخته، ضربت
عنقه، محصنا كان، أو غير محصن. وكذلك الحكم فيمن زنى بأمه، أو ابنته، أو اخته.
والاثم له في ذلك أعظم، والعقوبة له أشد. ومن عقد على واحدة ممن سميناه، وهو يعرف
رحمه منها، ثم وطأها، ضربت عنقه، وكان حكمه حكم الواطي لهن بغير عقد، بل وطؤهن
بالعقد الباطل أعظم في المأثم، لأنه بالعقد مخالف للشرع، محتقب لعظيم الوزر، مستخف
بالدين، متلاعب بأحكام رب العالمين، وبالوطئ على أعظم ما يكون من الفجور، وارتكاب
المحظور، فهو جامع بين عظائم موبقات، وأوزار مثقلات، وقبائح مهلكات، وإذا وطئ من
غير عقد لذات محرم منه فقد أتى بالاثم بعض ما أتاه الجامع بين العقد والفعل، كما
ذكرناه)[3]
[1] المحلى
:12/199 فما بعدها، شرح معاني الآثار :3/148، إعلام الموقعين:3/223.