نام کتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 248
ونحن لا نستعجل بالإنكار على الفقهاء القائلين بهذا قبل أن نعرف عذرهم في ذلك، فمن التجني الحكم عليهم قبل معرفته، ونرى من خلال موقفهم من التداوي عامة أن لهم في ذلك ثلاثة أعذار:
أما العذر الأول، وهو وجه حق دعاهم لتلك المقالة، وهو أن الطب في عهدهم يختلط فيه الحق والباطل، ويمارسه المحق والمبطل، وكان بالنسبة لكثير من الأمراض توهم وتخريص، فلذلك بنوا رأيهم في هذا على هذا الأساس.
أما العذر الثاني الذي دفعهم إلى ذلك، وهو عذر خاطئ ناتج عن سوء الفهم لبعض النصوص، فهو تصورهم أن التداوي مكروه لمنافاته التوكل، كما هو مذهب جمهور الحنابلة، ونص عليه أحمد.
أما العذر الثالث، وهو ناتج عن العذرين السابقين، فهو موقفهم من الحكم الشرعي من التداوي، فجمهورهم على كونه مباحا، وذهب الشافعية، والقاضي وابن عقيل وابن الجوزي من الحنابلة إلى استحبابه.
فهذه الأمور الثلاثة، والتي اعتبرناها أعذارا هي التي فرضت على الفقهاء القول بعدم لزوم نفقة العلاج للمرأة، ونعيذهم، وهم من هم، أن يكون مقصدهم حرمان المرأة من حق وجب لها.
ولذلك، فإن انتفاء الأعذار الثلاثة يعيد الأمر إلى نصابه، ويلزم الرجل بعلاج المرأة كما يلزمه بسائر نفقاتها، لأن القول بوجوب التداوي وعدم منافاته التوكل، وتيقن نتيجته أو حصول الظن الغالب فيها، يجعله ضرورة من الضرورات التي تتطلبها حياة المرأة، وبالتالي لا تستقيم حياتها ولا حياة زوجها معها إلا بوجودها.
أما العذر الأول فإن الطب في هذا العصر علم من العلوم له أصوله القطعية ونتائجه الحتمية التي لا ينكرها إلا مكابر، فلذلك لو رأى الفقهاء الضرورات التي تحتم اللجوء إلى
نام کتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 248