نام کتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 412
وقد عرف ابن القيم الرحمة وبين هذا المقتضى فقال:( ومما ينبغي أن يعلم أن الرحمة صفة تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد، وإن كرهتها نفسه وشقت عليها، فهذه هي الرحمة الحقيقية، فأرحم الناس بك من شق عليك في إيصال مصالحك ودفع المضار عنك، فمن رحمة الأب بولده أن يكرهه على التأدب بالعلم والعمل ويشق عليه في ذلك بالضرب وغيره، ويمنعه شهواته التي تعود بضرره، ومتى أهمل ذلك من ولده كان لقلة رحمته به، وإن ظن أنه يرحمه ويرفهه ويريحه فهذه رحمة مقرونة بجهل كرحمة الأم، ولهذا كان من تمام رحمة أرحم الراحمين تسليط أنواع البلاء على العبد، فإنه أعلم بمصلحته فابتلاؤه له وامتحانه ومنعه من كثير من أغراضه وشهواته من رحمته به[774]
ولعله لأجل هذا جمع a بين الرحمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال:( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر) [775]
ولذلك، فإن الرحمة ليس كما يتصور الكثير من الناس من الليونة والضعف والرقة، بل قد يكون كل ذلك نوعا من أنواع انحراف المزاج، فالرحمة إذا انحرفت عن خطها) انحرفت إما إلى قسوة، وإما إلى ضعف قلب وجبن نفس، كمن لا يقدم على ذبح شاة ولا إقامة حد وتأديب ولد، ويزعم أن الرحمة تحمله على ذلك، وقد ذبح أرحم الخلق بيده في موضع واحد ثلاثا وستين بدنة، وقطع الأيدي من الرجال والنساء، وضرب الأعناق، وأقام الحدود، ورجم بالحجارة حتى مات المرجوم، وكان أرحم خلق الله على الإطلاق وأرأفهم[776]
انطلاقا من هذه التنبيهات والضوابط نذكر هنا بعض النماذج عن كيفية تطبيقه a لهذه