ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ
طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً
وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا
بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾(البقرة:236)
الرأي الرابع: لكل مطلقة متعة، إلا التي طلقت قبل أن تمس، من غير تسمية، وقد
روي عن أحمد، فظاهر المذهب أن المتعة لا تجب إلا للمفوضة التي لم يدخل بها إذا
طلقت. قال أبو بكر: كل من روى عن أبي عبد الله فيما أعلم، روى عنه أنه لا يحكم
بالمتعة إلا لمن لم يسم لها مهر، إلا حنبلا، فإنه روى عن أحمد أن لكل مطلقة متاعا.
قال أبو بكر: والعمل عليه عندي لولا تواتر الروايات عنه بخلافها.
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ
طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً
وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا
بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾(البقرة:236)، ثم قال
تعالى:﴿ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ
فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾(البقرة:237) فقد خص الأولى بالمتعة،
والثانية بنصف المفروض، مع تقسيمه النساء قسمين، وإثباته لكل قسم حكما، فيدل ذلك
على اختصاص كل قسم بحكمه، وهذا يخص ما ذكروه.
قال ابن قدامة:(ويحتمل أن يحمل الأمر بالمتاع في غير المفوضة على الاستحباب ؛
لدلالة الآيتين اللتين ذكرناهما على نفي وجوبها، جمعا بين دلالة الآيات والمعنى،
فإنه عوض واجب في عقد، فإذا سمي فيه عوض صحيح، لم يجب غيره، كسائر عقود المعاوضة،
ولأنها لا تجب لها المتعة قبل الفرقة، ولا ما يقوم مقامها، فلم
[1]
لأن مذهبهم أن المتعة خلف عن مهر المثل في المفوضة، وهي التي زوجت بلا مهر مسمى،
انظر: فتح القدير:3/337.