الشبهة الأولى: وهي الاستدلال بقوله
تعالى:﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ
نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ(78)
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا
مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا
فَاعِلِينَ﴾(الأنبياء: 78،79)، ووجه الدليل أن فيها اختصاص سليمان u بمدرك الحق وأن الحق واحد.
وقد أجاب
الغزالي على هذه الشبهة بالوجوه التالية:
الوجه الأول: أنه من أين صح أنهما
بالاجتهاد حكما، ومن العلماء من منع اجتهاد الأنبياء عقلا ومنهم من منعه سمعا ومن
أجاز أحال الخطأ عليهم، فكيف ينسب الخطأ إلى داود u ومن أين يعلم أنه قال ما قال عن اجتهاد؟
الوجه الثاني: أن الآية أدل على نقيض
مذهبهم إذ قال تعالى:﴿ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾
والباطل والخطأ يكون ظلما وجهلا لا حكما وعلما، ومن قضى بخلاف حكم الله تعالى لا
يوصف بأنه حكم الله وأنه الحكم والعلم الذي آتاه الله لا سيما في معرض المدح
والثناء.
الوجه الثالث: وهو أنه يحتمل أنهما كانا
مأذونين في الحكم باجتهادهما فحكما وهما محقان، ثم نزل الوحي على وفق اجتهاد
سليمان u فصار ذلك حقا متعينا بنزول
الوحي.
الشبهة الثانية: وهي الاستدلال بقوله
تعالى:﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ (النساء:83)
وقوله تعالى:﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ
فِي الْعِلْمِ ﴾(آل عمران:7) ووجه الدليل أن في مجال النظر حقا متعينا
يدركه المستنبط.