نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 252
من العلل والأمراض، وأنه لو توجع عرق واحد في يده لصار أعجز من كل عاجز
وأذل من كل ذليل، وأنه لو سلبه الذباب شيئاً لم يستنقذه منه وأن بقة لو دخلت في
أنفه أو نملة دخلت في أذنه لقتلته، وأن شوكة لو دخلت في رجله لأعجزته، وأن حمى يوم
تحلل من قوّته ما لا ينجبر في مدّة.
فمن لا يطيق شوكة ولا يقاوم بقة ولا يقدر على أنّ يدفع عن نفسه ذبابة لا
ينبغي أن يفتخر بقوّته، ثم إن قوي الإنسان فلا يكون أقوى من حمار أو بقرة أو فيل
أو جمل، وأي افتخار في صفة يسبقك فيها البهائم[1]؟
المال والجاه: وهما ـ كما ينص
القرآن الكريم ـ من أكبر أسباب الكبر الحائلة بين الأقوام وأنبيائهم:
أما المال، فقد ذكر تعالى أن المترفين، وهم عبيد الأموال، هم أول من يقف في
وجه الأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ قال تعالى معبرا عن هذه السنة
الاجتماعية: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ
مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ وَقَالُوا نَحْنُ
أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾(سبأ:34،35)
قال قتادة:مترفوها: أي أغنياؤها ورؤساؤها وجبابرتها.
أما الجاه، فقد أخبر تعالى أنه الحائل بين قريش، واتباع رسول الله a، بحجة أن محمدا a لم يكن له من الجاه ما كان
لوجهاء القريتين، قال تعالى:
﴿ وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا
الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ (الزخرف:31)
والعلاج الذي ذكره الغزالي لهذا السبب من أسباب الكبر هو النظر في مآل ذلك
المال والجاه الذي يتعزز به، فإن المتكبر بماله كأنه متكبر بفرسه وداره، ولو مات
فرسه