نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 253
وانهدمت داره لعاد ذليلاً، والمتكبر بتمكين السلطان وولايته لا بصفة في نفسه
بنى أمره على قلب هو أشدّ غلياناً من القدر، فإن تغير عليه كان أذل الخلق، وكل
متكبر بأمر خارج عن ذاته فهو ظاهر الجهل، كيف والمتكبر بالغنى لو تأمل لرأى في
اليهود من يزيد عليه في الغنى والثروة والتجمل؟ فأف لشرف يسبقك به اليهودي وأف
لشرف يأخذه السارق في لحظة واحدة فيعود صاحبه ذليلاً مفلساً؟ فهذه أسباب ليست في
ذاته، وما هو في ذاته ليس إليه دوام وجوده وهو في الآخرة وبال ونكال، فالتفاخر به
غاية الجهل، وكل ما ليس إليك فليس لك، وشيء من هذه الأمور ليس إليك بل إلى واهبه
إن أبقاه لك وإن استرجعه زال عنك، وما أنت إلا عبد مملوك لا تقدر على شيء. ومن عرف
ذلك لا بد وأن يزول كبره.
وقد مثل الغزالي لهذ المصير بمثال قد يستبعد في الواقع، ولكنه عين حق اليقين
الذي يحيق بكل متكبر، وهو أن هذا الذي يفتخر الغافل بقوّته وجماله وماله وحرّيته
واستقلاله وسعة منازله وكثرة خيوله وغلمانه، إذ شهد عليه شاهدان عدلان عند حاكم
منصف بأنه رقيق لفلان وأنّ أبويه كانا مملوكين له، فعلم ذلك وحكم به الحاكم، فجاء
مالكه فأخذه وأخذ جميع ما في يده، وهو مع ذلك يخشى أن يعاقبه وينكل به لتفريطه في
أمواله وتقصيره في طلب مالكه ليعرف أنّ له مالكاً، ثم نظر العبد فرأى نفسه محبوساً
في منزل قد أحدقت به الحيات والعقارب والهوام وهو في كل حال على وجل من كل واحدة
منها، وقد بقي لا يملك نفسه ولا ماله ولا يعرف طريقاً في الخلاص ألبتة، أفترى من
هذا حاله هل يفخر بقدرته وثروته وقوّته وكماله أم يذل نفسه ويخضع؟ وهذا حال كل
عاقل بصير فإنه يرى نفسه كذلك فلا يملك رقبته وبدنه وأعضائه وماله، وهو مع ذلك
بـين آفات وشهوات وأمراض وأسقام هي كالعقارب والحيات يخاف منها الهلاك. فمن هذا
حاله
نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 253