نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 33
وقد تنبه
الإنسان ـ باعتبار طبيعته المعقدة ـ إلى حاجته إلى هذه الحصون الأخلاقية التي تضبط
سلوكه، فقال الفيلسوف البريطاني المعاصر برتراند رسل معبرا عن هذا الاكتشاف: (الإنسان
أكثر تعقيداً في نزعاته ورغباته من أي حيوان آخر، وتنشأ الصعوبات التي يواجهها من
هذا التعقيد، فهو ليس اجتماعياً تماماً مثل النمل والنحل، ولا هو انفرادي تماماً
مثل الأسود والنمور، إنه حيوان شبه اجتماعي، وبعض نزعاته ورغباته اجتماعي، وبعضها
انفرادي ويبدو الجانب الاجتماعي في طبيعته من أن الحبس الانفرادي يعتبر عقوبة
بالغة الشدة، ويبدو الجانب الآخر في حبه للاستقلال بأموره الخاصة، وعدم استعداده
للتحدث فيها إلى الغرباء. ولأننا لسنا اجتماعيين تماماً فنحن في حاجة إلى أخلاق،
لتوحي لنا بالأهداف، وإلى قواعد أخلاقية لتفرض علينا قواعد التصرفات، والنحل -كما
يبدو- ليس في حاجة إلى شيء من هذا، فهو يتصرف بما تمليه عليه مصلحة الجماعة)[1]
وقال جمال
الدين الأفغاني مشيرا إلى قصور القانون عن توفير الحصانة الأخلاقية: (ليس بخاف أن
قوة الحكومة إنما تأتي على كف العدوان الظاهر، ورفع الظلم البين، أما الاختلاس
والزور المموه والباطل المزين والفساد الملون بصبغ من الصلاح، ونحو ذلك مما يرتكبه
أرباب الشهوات، فمن أين للحكومة أن تستطيع دفعه؟ وأنى يكون لها الاطلاع على خفيات
الحيل، وكامنات الدسائس ومطويات الخيانة ومستورات الغدر حتى تقوم بدفع ضرره؟ على
أن الحاكم وأعوانه قد يكونون، بل كثيراً ما كانوا ويكونون ممن تملكهم الشهوات، فأي
وازع يأخذ على أيدي أصحاب السلطة، ويمنعهم من مطاوعة شهواتهم المتسلطة على عقولهم؟
وأي غوث ينقذ ضعفاء الرعايا وذوي
[1] المجتمع البشري
في الأخلاق والسياسة، لبرتراندرسل:10.
نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 33