نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 560
للاستنباط نرى من لم يقدر للعقل قدره، فيتصوره مناهضا للنصوص أو مناقضا لها.
مع أن القرآن الكريم يكاد يصرح بأن أحكام العقل دين كأحكام الشرع، قال تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ
النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (الروم:30)،يقول الغزالي
معقبا على هذه الآية: (فسمى العقل دينا)
ولكون أحكام العقل المجرد دينا، فإن التناقض بين أحكام العقل وأحكام الشرع
مستحيل، بل إن أساس الشرع العقل (فهو كالأس والشرع كالبناء، ولن يغني أ س ما لم
يكن بناء، ولن يثبت بناء ما لم يكن أ س)
والغزالي يسمي الشرع ـ بسبب مراعاته الضرورية للأحكام العقلية ـ عقلا،
فالشرع عقل من الخارج، والعقل شرع من داخل،وهما متعاضدان بل متحدان.
و بسبب هذا الاتحاد بين أحكام العقل وأحكام الشرع،فإن تمجيد العقل تمجيد
للشرع، وإعماله أعمال للشرع، ونبذه نبذ للشرع،لأن كليهما من وضع الله U.
ولا يهمنا بعد هذا، اسم الآلية التي نعرف بها أحكام العقل، ولا واضعها، كما
لا يهمنا أن نعرف مصدر الدواء الشافي ولا واضعه، إذا تحقق المقصد منه.
ولهذا، فإن العلم الذي عنى بأحكام العقل، وهو المنطق ـ مع قصوره عن بلوغ
المراد منه ـ لا حرج في الاستفادة منه، بل نرى رجلا كالغزالي ينتصر للمنطق،
ويعتبره غير غريب عن الإسلام أو الفكر الإسلامي، وليس دخيلا مع الفلسفة كما يتصور
البعض، يقول الغزالي:(ولكن المنطق ليس مخصوصا بهم [أي بالفلاسفة ]،وإنما هو الأصل
الذي نسميه في فن الكلام (كتاب النظر)،وقد نسميه (كتاب الجدل)، وقد نسميه(مدارك
العقول)؛فإذا سمع المتكايس المستضعف اسم (المنطق) ظن أنه فن غريب لا يعرفه
المتكلمون، ولا يطلع عليه إلا الفلاسفة )
نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 560