وسر التعامل مع الأقدار بهذا النوع من التعامل هو أن الأقدار نوعان، منها ما
هو ثابت قطعي، ومنها ما هو محتمل مؤقت، أو مرتبط بأوقات معينة محدودة، ولذلك قد يلحق كتبها التغيير
والتبديل، وهذه المقادير مما يطلع الله عليه الملائكة الموكلين بالعباد، أو من
تقتضي وظيفته التعرف على هذا النوع من المعارف، كالأنبياء والمرسلين والمحدثين
والملهمين.
وإلى هذا النوع
من المقادير الإشارة بقوله تعالى:﴿ يَمْحُوا
اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ (الرعد:39)
وإليها الإشارة
كذلك بالنصوص الواردة في منازعة الأقدار كقوله a:(لا
يغنى حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيلقاه
الدعاء، فيعتلجان الى يوم القيامة)[1]، وقوله a:(لا
يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر الا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب
يصيبه) [2]
وقد ذكر ابن
عباس في تفسير الآية السابقة:(من أحد الكتابين هما كتابان يمحو الله ما يشاء من
أحدهما ويثبت ﴿ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ أي جملة الكتاب)[3]
ومن النصوص المقدسة التي تشير إلى هذا قوله تعالى:﴿ وَلَوْ
أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ
سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ (المائدة:65)، فهذه الآية الكريمة تذكر تأثير الأعمال في جانب علاقة هؤلاء
العباد بربهم تعالى.