وذلك جوابا عن
ذلك العتاب الذي تلقاه من أخيه بسبب عدم شدته مع السامري وأصحابه، وقال له في ذلك:
{ يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ
أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} [طه: 92، 93]
وقد قبل موسى
عليه السلام العلة التي ذكرها هارون، لكونها علة شرعية، فالفتنة الناتجة من
التفرقة والصراع كانت أكبر من تلك الوثنية التي وقع فيها السامري وأصحابه.
وهكذا نجد رسول
الله a يمارس هذا النوع من التقية حرصا على وحدة الأمة
الإسلامية في بداية نشأتها، ومن الأمثلة على ذلك ما ورد في الحديث عن عائشة قالت: سألت رسول اللّه a عن الحِجرِ، فقال: هو من البيت، قلت: ما منعهم أن يدخلوه فيه؟ قال: عجزت
بهم النفقة، قلت: فما شأن بابه مرتفعاً، لا يُصعد إليه إلا بسلّم؟ قال: (ذلك فعل
قومك، ليدخلوه من شاءوا ويمنعوه من شاءوا، ولولا أنّ قومك حديثو عهد بكفر مخافة أن
تنفر قلوبهم، لنظرت هل أغيّره فأدخل فيه ما انتقص منه، وجعلت بابه بالأرض)[1]
ومثله ما ورد في
مداراة بعض الناس خشية من شرهم، فعن عروة بن الزبير أنّ عائشة أخبرته أنّ رجلاً
استأذن في الدخول إلى منزل النبيّ a،
فقال: (ائذنوا له فبئس ابن العشيرة، أو بئس أخو العشيرة)؛ فلمّا دخل ألآن له
الكلام. فقلت له: يا رسول اللّه قلت ما قلت ثمّ ألنت له في القول؟ فقال: (أي
عائشة، إنّ شرّ الناس منزلة عند اللّه من تركه ـ أو ودَعَهُ الناس ـ اتّقاء فُحشه)[2]،
فقد صرح رسول الله a في هذا الحديث بأنه
ترك مصارحة ذلك الشخص، اتقاء لفحشه، مع أن رسول الله a
لم يخف على نفسه منه، وإنما حرص على
[1] صحيح البخاري 2 : 179 ، سنن
ابن ماجة 2 : 985 / 2955.
[2] صحيح البخاري 8 : 38 ، سنن
أبي داود 4 : 251 / 4791 و4792 و4793، ورواه محدّثو الشيعة باختلاف يسير كما في
اُصول الكافي: 2 : 245 / 1..
نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 177