نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 185
وبيّن الغزالي الأحكام المرتبطة
بذلك، وهي نفس الأحكام التي يذكرها الشيعة عند حديثهم عن التقية، فقال: (فلو صدق
الإنسان في مواضع الضرر تولّد من صدقه محذور، فكان عليه أن يقابل أحدهما بالآخر،
ويزن بالميزان القسط، فإذا علم انّ المحذور الذي يحصل بالصدق أشدّ وقعاً في الشرع
من الكذب فله أن يكذب، وإن كان المقصود أهون من مقصود الصدق، فيجب الصدق. وقد
يتقابل الأمران بحيث يتردّد فيهما، وعند ذلك، الميل إلى الصدق أولى، لأنّ الكذب
يباح لضرورة، أو حاجة مهمّة)
[1]
ومثلهما نجد أعلام المذهب
الحنبلي يذكرون التقية، ويجيزونها في محالها المناسبة لها، فقد نص ابن قدامة
الحنبلي (توفي 620ه) على عدم جواز الصلاة خلف المبتدع والفاسق إلا إذا (خاف ممّا
يلحقه من ضرر إن ترك الصلاة خلفه، ففي هذه الحالة يمكنه أن يصلّي خلفه تقية ثمّ
يعيد الصلاة)، واحتج عليه بما روي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري أنه قال: سمعت
النبيّ a على
منبره يقول: (لا تؤمّنّ امرأة رجلاً، ولا يؤمّ أعرابي مهاجراً، ولا يؤمّ فاجر
مؤمناً إلا أن يقهره بسلطان، أو يخاف سوطه، أو سيفه)[2]
ومثلهم جميعا أعلام المدرسة
المالكية الذين اتفقوا على جواز التقية في محالها، فقد ذكر الإمام مالك (توفي 279ه)
في المدوّنة الكبرى عدم وقوع طلاق المكره على نحو التقية، محتجّاً بذلك بقول ابن
مسعود: (ما من كلام يدرأ عنّي سوطين من سلطان إلا كنت متكلّماً به)[3]
وهكذا نرى كل
المذاهب الفقهية تقول بالتقية، وتجيزها للضرورة بناء على ما ورد في ذلك من النصوص
المقدسة، بل قد حكي الإجماع في ذلك، فقد قال جمال الدين