وهي أول ميزة يمكن
اكتشافها بسهولة لمن يرى الإيرانيين وتعاملهم مع القرآن الكريم، فالكثير من
عاداتهم وتقاليدهم تولي المصاحف اهتماما خاصا، وتعطيها قداسة لا تعطيها لشيء آخر..
فهم يقبلونه بمجرد لمسه، ثم يضعونه على جباههم تكريما له.
وهم إذا ما
دخلوا أي محل أو غادروه جعلوا المصاحف فوق رؤوسهم، ثم ساروا أسفل منها تيمنا منهم
بأن يكونوا في كلاءته وحفظه.
وهكذا هو حالهم
عند قراءته أو سماعه؛ فهم ينفعلون عندها، ويتأثرون، وربما تنهمر الدموع الصادقة
الخاشعة من عيونهم، مثل حالهم عند سماع الأدعية الواردة عن رسول الله a أو عن أهل بيت النبوة، والتي يرددونها كل حين.
ولعل ذلك ما
أشار إليه قوله a، وهو يتحدث عن فارس،
وصدقها في إيمانها: (لو كان الإيمان
عند الثريا لناله رجال -أو رجل-من هؤلاء)[1]،
وأشار إلى سلمان الفارسي.
ولا يمكنني أن
أذكر سبب ذلك الانفعال، وتلك الروحانية، ولكني موقن أنها ليست مرتبطة بالعرق ـ كما
يذكر بعض الباحثين ـ عندما يعلل ظهور أكثر الكتابات العرفانية والصوفية من تلك
المناطق، ذلك أني مؤمن بأن الله تعالى خلق الخلق جميعا من طينة واحدة، ومؤمن كذلك
أن سلوك الإنسان هو الذي يحدد وجهته، وطريقة تعامله مع الأشياء.
ولذلك فإن السبب
الحقيقي لذلك التقديس وما يصحبه من الانفعال والتأثر يعود لتلك التعاليم المقدسة
التي يسمعها الإيرانيون ـ سنتهم وشيعتهم ـ في المواعظ والمجالس العلمية كل حين عن
رسول الله a وعن ورثته من آل بيت النبوة
الذين شغفوا بهم.
فقد أوصى رسول
الله a بالقرآن الكريم واعتبره الثقل الأكبر الذي لا تنجو
الأمة إلا