نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 306
وهو لا يعتبرها غفلة فقط، وإنما
يعتبرها غفلة عن الإسلام نفسه، ويعلل ذلك، بأنهم (ينظرون إلى الإسلام من زاوية
واحدة فقط، أما الجانب الآخر وعالم طبيعته فإنهم لم يهتموا به، ولم يعلموا أن
الإسلام يهتم بعالم الطبيعة أيضا، ويهتم بجميع تلك الأمور التي يحتاجها الإنسان،
لذا فإن إحدى الابتلاءات التي ابتلى بها الإسلام هي أن هؤلاء الأشخاص أمثال
المتكلمين، والأكثر منهم الفلاسفة، والأكثر منهم العرفاء والصوفية، أرادوا تفسير
جميع الآيات الواردة في القرآن الكريم تفسيرا معنويا.. اهتموا بالباطن وغفلوا عن
الظاهر)[1]
وفي كلماته هذه رد بليغ على
أولئك الذين يصورون الخميني بصورة ذلك الغارق في متاهات العرفان والتصوف، ويرمونه
بالغنوصية، وهو ناتج عن عدم قراءتهم لكل آثاره؛ فهم يبنون على بعض ما يقرؤون
تصوراتهم، ويلزمونه بفهومهم، لا بواقع الحال، وإلا فإنه كما يقبل ما صح من المعاني
العميقة للقرآن الكريم، والتي يذكرها الفلاسفة والعرفاء، لا يقتصر عليها، بل يرى
من التقصير والغفلة الاكتفاء بها.
وهو كذلك يرد على الطرف المقابل
الذي لا يتعمق في المعاني القرآنية، ويتصور أن معانيها هي تلك المعاني الظاهرة
المادية المحدودة، فيقول: (إن ابتلاء الإسلام أخذ منحنى آخر وهو أن شبابنا ومثقفينا
وعلماءنا الذين تعلموا العلوم المادية، يحاولون تفسير جميع آيات القرآن والروايات
الخاصة بالأمور المعنوية تفسيرا طبيعيا عاديا، وهؤلاء مهتمون بالإسلام أيضا، لكنهم
غافلون أيضا، لأنهم ينظرون للإسلام من جانب واحد، وهاتان الطائفتان لم تفهمان
الإسلام بمعناه الحقيقي، فالإسلام لا يدعوا إلى المعنويات فقط، ولا يدعوا إلى
الماديات فقط، إنه يدعوا إلى كليهما، فقد جاء الإسلام والقرآن الكريم من أجل بناء
الإنسان وتربيته في جميع أبعاده)[2]