نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 327
إلا ما شذ منهم، بل قد يتبركون
بمن زارها ويحترمونه أكبر احترام، وخصوصا أهل مصر وحلب)
ثم ذكر قصة حدثت له، فقال: (وإليك
قصة شاهدتها بنفسي، بل على الأصح جرت معي في 15 جمادى الأولى سنة 1342 هـ حيث
سافرت يومئذ من بغداد إلى حلب، ومنها إلى بيروت، واجتمعت في محطة القطار الحلبية
بثلاثة نفر من الحلبيين عليهم أبهة الجلالة وسيماء التقوى حتى أن أحدهم قد أسدل
على وجهه منديلا وسد أنفه بإصبعيه من فوق المنديل لما رأى بعض اللبنانيين يشربون
الخمر في القطار، ومجمل القصة أنني سألتهم ابتداء عن محل قطع التذاكر للركاب،
فأجابوا: ذلك هو، وأشاروا إلى جهة من جهات المحطة، وقبل أن أذهب إلى تلك الجهة
قالوا: وين رايح؟ فقلت: رايح إلى بيروت وكنت في بغداد، فقالوا: أصحيح في بغداد؟ ،
قلت: نعم، صحيح، قالوا: أرأيت مقام سيدنا عبد القادر الجيلاني؟ قلت: رأيته طبعا..
فأقبلوا فورا على جبهتي يقبلونها قبلات حارة، ثم ذهبوا معي بأجمعهم وقطعوا لي
تذكرة السفر وحملوا أسبابي إلى القطار، وجلسوا حولي يتحدثون عن مناقب عبد القادر
وكراماته حتى بلغوا بها إلى أعلى مراتب الغلو، ورحت أحدثهم عن مقامه الفخم، وبنائه
البديع، إلى أن جاء وقت (الترويقة)، فقمت وأتيت بما كان باقيا لدي من الزاد الذي
صحبته معي من بغداد وقدمته إليهم ودعوتهم إليه (وكان فيه فتيت كعك وبعض تميرات)
فاختاروهما على غيرها، وابتدأوا بقسمة الفتيت؛ فالتهم كل سهمه بلهفة مدهشة، ثم
تقاسموا التميرات ولف كل سهمه بورقة، وقالوا - معتذرين: نبقيها للبركة، ثم قاموا
وجاءوا بزادهم الفاخر، فأكلنا جميعا. ولا تسل عن خدمتهم لي طول الطريق حتى وصلنا
بيروت وافترقنا قسرا)[1]