نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 334
بعضهم لبعض ظهيرا، لما استطاعوا
أن يخلقوا ذبابة، وإذا سلبت منهم الذبابة شيئا لما استطاعوا استرجاعه منها، كما
جاء في الآية الكريمة) [1]
ولهذا نرى ذلك الورع الذي يدعو
من خلاله إلى التزام أدق آداب الشريعة، بل إنه يدعو إلى مراعاة الاحتياط حتى في
الأمور التي نص فيها الفقهاء على الجواز، ومن الأمثلة على ذلك ما عقب به على ما
ذكره الفقهاء من المحال التي تجوز فيها الغيبة، حيث قال: (اعلم بأن العلماء
والفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ استثنوا موارداً من حرمة الغيبة تبلغ في كلمات
بعضهم العشرة، ولسنا بصدد عرضها وتعدادها، حتى لا تكون هذه الصفحات ساحة لبيان
الأبحاث الفقهية)[2]
وبعد أن أقر بما قاله الفقهاء،
راح يذكر موقفه الذي يدعو فيه إلى الاحتياط، فيقول: (والذي يجب أن نذكره هنا هو أن
على الإنسان أن لا يعيش حالة الاطمئنان أبداً من مكائد النفس، بل يجب أن يتحرك في
منتهى الحذر والاحتياط، ولا يكون في صدد التبرير ـ لغيبته ـ بالأعذار بأن يقول أن
هذا المورد هو من الموارد المستثناة فيسمح لنفسه بالبحث عن عيوب الناس وإشاعتها في
المجتمع، إن مكائد النفس بالغة الدقة، فيمكن أن تَخدع الإنسان عن طريق الشرع،
وتزِجّه في مهلكة) [3]
وضرب مثالا على ذلك بما يذكره
الفقهاء من جواز غيبة المتجاهر بالفسق، بعد أن يردع وينصح، فقال معقبا على ذلك: (ولكن
يجب أن يتأمل الإنسان بأن الدافع النفسي لغيبته هو الداعي الشرعي الإلهي ـ النهي
عن المنكر ـ أو أن الباعث، أهواء شيطانية، ورغبة نفسانية ـ العداوة والتشفي.. فإن
كان الهدف الدافع الإلهي ـ النهي عن المنكر ـ كان عمله من