نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 335
العبادات، بل كانت غيبته هذه
بنيّة إصلاح المتجاهر بالفسق والإساءة إليه، من أوضح مصاديق الإحسان والإنعام إليه
وإن لم يشعر المغتاب بذلك، ولكن إذا كان قصده مشوباً بالفساد والميول النفسانية،
فلا بد من تخليص النية ـ من غير الدافع الإلهي ـ والصفح عن أعراض الناس وحرماتهم
عند عدم وجود هدف صحيح) [1]
وهو يدعو إلى ترك المتشابهات،
حرصا على عدم الوقوع في الحرام؛ فيقول: (بل إن تعويد النفس على الغيبة في الأحوال
الجائزة، يضرّ بحالها أيضاً، لأن النفس تميل نحو الشرور والقبائح، فمن المحتمل أن
ينجرّ رويداً رويداً من الموارد الجائزة إلى مرحلة أخرى وهي الموارد المحرمة، كما
أن الدخول في الشبهات غير محمود، رغم جوازه، لأنها حمى المحرمات ومن الممكن أن
الاقتحام في الحمى يفضي إلى الدخول في المحرمات. يجب على الإنسان مهما أمكن أن
يبعد النفس عن الغيبة في الأحوال المسموحة، ويحترز عن الأمور التي يحتمل أن يكون
فيها طغيان للنفس) [2]
وهكذا نرى كتابه [شرح الأربعين
حديثا] مملوءا بمثل هذه المعاني الراقية التي تجنب فيها ما وقع فيه بعض الصوفية من
الطامات والشطحات والتساهل مع الشريعة.
ويمكن اعتبار هذا الكتاب من أحسن
ما كتب في هذا الباب، ويهتم به الخطباء والوعاظ الإيرانيون كثيرا، باعتباره مادة
تربوية علمية وعظية، لها دورها التربوري الكبير، فقد استطاع فيه الخميني أن يعبر
عن مراحل السلوك وكيفيته بطريقة سهلة بسيطة جذابة، وفوق ذلك جعل تلك المعاني
منطلقة من النصوص المقدسة، وشروحا لها.
وللأسف لا نجد اهتماما كبيرا به
في المدرسة السنية، مع أهميته البالغة، وكونه ـ كالسلوك الروحي جميعا ـ لا فرق فيه
بين المدارس الإسلامية.