نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 337
وانطلاقا من هذا المعنى راح
يتحدث ـ مثلما يتحدث صوفية المدرسة السنية ـ عن مقامات النفس وأوجه سعادتها
وتعاستها وكيفية مجاهدتها.
ولا يمكن ذكر ذلك جميعا هنا،
ولكن نشير إلى بعض ما ذكره من باب الرد على الذين يصورون أن للشيعة دينا آخر
مختلفا تماما عن الإسلام، ذلك أن القيم النبيلة التي طرحها الخميني في كتابه عن
كيفية مجاهد النفس، لا تخطر حتى على بال أولئك الذين يجلسون على الأرائك يتثاءبون،
ثم يطلقون أحكامهم التكفيرية من غير بحث ولا دراسة ولا اطلاع، وإنما هو الهوى
المجرد.
فأول ما تبدأ به المجاهدات
النفسية ـ كما يذكر الخميني ـ [التفكر]، فهو البداية التي يبدأ بها السير إلى
الله.. ويبين الخميني كيفيته؛ فيقول: (التفكر في هذا المقام هو أن يفكر الإنسان
بعض الوقت في أن مولاه الذي خلقه في هذه الدنيا، ووفّر له كل أسباب الدعة والراحة،
ووهبه جسماً سليماً وقوي سالمة ذات منافع تحيِّر ألباب الجميع، والذي رعاه وهيَّأ
له كل هذه السعة وأسباب النعمة والرحمة من جهة وأرسل جميع هؤلاء الأنبياء، وأنزل
كلّ هذه الكتب، وأرشد ودعا إلى الهدى.. هذا المولى ماذا يستحق منا؟ وما هو واجبنا
تجاه مالك الملوك؟. هل أن وجود جميع هذه النعم، هو فقط لأجل هذه الحياة الحيوانية
وإشباع الشهوات التي نشترك فيها مع الحيوانات أو أن هناك هدفاً وغاية أخرى؟.. وهل
للأنبياء الكرام، والأولياء العظام، والحكماء الكبار، وعلماء كل أمة الذين يدعون
الناس إلى حكم العقل والشرع ويحذرونهم من الشهوات الحيوانية ومن هذه الدنيا
البالية، عداءً ضد الناس أم أنهم كانوا مثلنا لا يعلمون طريق صلاحنا نحن المساكين
المنغمسين في الشهوات؟!)[1]
ثم يذكر الإجابة المنسجمة مع
العقل على هذه التساؤلات التي يطرحها المتفكر؛