نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 338
فيقول: (إن الإنسان إذا فكَّر
لحظة واحدة، عرف أن الهدف من هذه النعم هو شيء آخر، وأن الغاية من هذا الخلق أسمى
وأعظم، وأن هذه الحياة الحيوانية ليست هي الغاية بحدَّ ذاتها، وأن على الإنسان
العاقل أن يفكر بنفسه، وأن يترحم على حاله ونفسه المسكينة، ويخاطبها قائلاً: أيتها
النفس الشقية التي قضيت سني عمرك الطويلة في الشهوات، ولم يكن نصيبك سوى الحسرة
والندامة، ابحثي عن الرحمة، وأستحي من مالك الملوك، وسيرى قليلاً في طريق الهدف
الأساسي المؤدي إلى حياة الخلد والسعادة السرمدية، ولا تبيعي تلك السعادة بشهوات
أيام قليلة فانية، التي لا تتحصل حتى مع الصعوبات المضنية الشاقة. فكّري قليلا في
أحوال أهل الدنيا، من السابقين واللاحقين وتأملي متاعبهم وآلامهم كم هي أكبر وأكثر
بالنسبة إلى هنائهم، في نفس الوقت الذي لا يوجد فيه هناء وراحة لأي شخص) [1]
وبعد أن يجيب على الشبهات
المختلفة التي قد يوسوس بها الشيطان على بال المريد في أول سلوكه، يذكر المرحلة
الثانية من مراحل السلوك التحققي، وهي [العزم]، والذي بين أهميته من خلال ما ذكره
عن بعض مشايحه الذي قال: (إنَّ العزم هو جوهر الإنسانية، ومعيار ميزة الإنسان، وإن اختلاف درجات
الإنسان باختلاف درجات عزمه)
[2]
ثم بين كيفية التحقق به؛ فقال: (العزم
الذي يتناسب وهذا المقام، هو أن يوطن الإنسان نفسه على ترك المعاصي وأداء
الواجبات، ويتخذ قراراً بذلك، ويتدارك ما فاته في أيام حياته، وبالتالي يسعى على
أن يجعل من ظاهره إنساناً عاقلاً وشرعياً، بحيث يحكم الشرع والعقل حسب الظاهر بأن
هذا الشخص إنسان. والإنسان الشرعي هو الذي ينظم سلوكه وفق ما يتطلبه الشرع، يكون
ظاهره كظاهر الرسول الأكرم a، يقتدي بالنبي العظيم a ويتأسى
به في جميع حركاته وسكناته، وفي جميع ما يفعل وما يترك، وهذا أمر ممكن، لأن جعل
الظاهر