نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 354
وسكناته كانت مرتبطة بما يمليه
عليها هذا الجانب من شخصه.
ولم تقتصر كتابات الخميني
العرفانية على ذلك
الشعر الجميل، وإنما كتب في كل معانيه، وبلغة يجتمع فيها العلم الدقيق والذوق
الرفيع.
وهو ـ خلافا لما يتوهم الكثير ـ
لم يكن مقلدا في العرفان، ولا كان خاضعا لكل ما كتب فيه، بل كان يمحص، ويميز الطيب
من الخبيث، ويتكلم عن تجربة وذوق، ولهذا كان يحذر من يقرأ كتب العرفان من
الاغترار، فالعرفان سلوك قبل أن يكون علوما.
ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره
الخميني في وصاياه العرفانية لأهله وغيرهم، ومنها وصيته لزوجة ابنه فاطمة [1] التي طلبت منه بعض الوصايا: (ابنتي.. الإنشغال بالعلوم حتى
العرفان والتوحيد إذا كان لاكتناز الاصطلاحات هو حاصل أو لأجل نفس تلك العلوم،
فإنه لا يقرب السالك من الهدف بل يبعده عنه (العلم هو الحجاب الأكبر)، وإذا كان
البحث عن الحق وعشقه هو الهدف، وهو نادرٌ جداً، فذلك مصباح الطريق ونور الهداية،
(العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده)[2]، وللوصول إلى يسير منه يلزم
التهذيب والتطهير والتزكية؛ تهذيب النفس وتطهير القلب من غيره فضلاً عن التهذيب من
الأخلاق الذميمة التي يحتاج الخلاص منها إلى كثيرٍ من المجاهدة وفضلا عن تهذيب
العمل مما هو خلاف رضاه جل وعلا، والمواظبة على الأعمال الصالحة، من قبيل الواجبات
التي هي في الطليعة، والمستحبات بقدر الميسور وبالقدر الذي لا يوقع الإنسان في
العجب والأنانية) [3]
ويقول لها: (ابنتي: العجب
والغرور نتيجتان لغاية الجهل بحقارة النفس وعظمة
[1] السيدة فاطمة طباطبائي، وهي
ابنة السيد محمد باقر سلطان طباطبائي وزوجة ابن الخميني، وقد طلبت منه وصايا
عرفانية، فأجابها برسالة موجودة ضمن وصاياه العرفانية..