والقرآن والسنة
ملأى بالنصوص المعنية بدور الإسلام الكبير في الشؤون السياسية، وأصبح وصف عالم
الدين بالسياسي مرادفاً لوصفه بعدم الدين وما زال هذا الوصف موجوداً. وأخيراً آل
الحال إلى أن تعمد القوى الشيطانية الكبرى ابتغاء محو القرآن وحفظ مطامعها
الشيطانية إلى طبع القرآن بخط جميل، وتوزيعه على نطاق واسع، وتنفذ ذلك بأيدي
الحكومات المنحرفة التي تتظاهر بالإسلام زيفاً، وهي بعيدة عن تعاليمه، وبهذا المكر
الشيطاني تعطّل القرآن)[1]
وهو لا يكتفي
بذلك الأسف والحسرة، وإنما يضع المنهج الذي من خلاله يفعّل القرآن الكريم في
الحياة جميعا، ابتداء بالإنسان نفسه، فالحضارة لا يمكن أن تقوم بمعزل الإنسان.
ولأجل هذا، نراه
يعيد بطريقة معاصرة ما ذكره الغزالي من ضرورة تطهير النفس وتربيتها وتهذيبها حتى
ترتقي لفهم الحقائق القرآنية، وتنفعل لها؛ فيقول: (لو لم تكن التزكية لما أمكن
تعليم كتاب الحكمة، يجب تزكية النفوس وتطهيرها من جميع الأدران، وأعظم الأدران هي النفس
الإنسانية والأهواء النفسية، فما دام الإنسان في حجاب نفسه، فإنه لا يستطيع أن
يدرك القرآن الذي هو نور، كما يعبر القرآن عن نفسه، فالذين يقفون خلف حجب عديدة لا
يمكنهم أن يدركوا النور، ويظنون أنهم يستطيعون دركه، لكنهم لا يقدرون على ذلك. ما
دام الإنسان لم يخرج من حجاب نفسه المظلم جداً، وطالما أنه مبتلى بالأهواء
النفسية، وطالما أنه مبتلى بالعجب، طالما أنه مبتلى بالأمور التي أوجدها في باطن
نفسه، وتلك الظلمات التي بعضها فوق بعض، فإنّه لا يكون مؤهلاً لانعكاس هذا النور
الإلهي في قلبه)[2]