الطبرسي لقب (الحشوية)
أي الذين يهتمون بالجمع دون التحقيق[1].
ومنهم الشيخ
الطوسي الملقب بشيخ الطائفة (توفي 460 هـ )، والذي قال: (وأما الكلام في زيادة
القرآن ونقصه فمما لا يليق به، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها، وأما النقصان
فالظاهر من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، وهو الذي نصره
المرتضى وهو الظاهر من الروايات)[2]
ولم يقتصر الرد
على هذه الشبهة من الأصوليين الشيعة فقط، بل كان للإخباريين الكبار أيضا سهم في
ردها، ومنهم المحدث الكبير الفيض الكاشاني صاحب كتاب (الوافي) الذي يعد من الجوامع
الحديثية المتأخرة ( توفي 1091 ه ) الذي استدل بقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ
عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ
تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت: 41، 42)، وقوله: {إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9) على عدم وقوع
التحريف، وعلق عليهما بقوله: (عندئذ كيف يتطرق إليه التحريف والتغيير.. مع أن
[1]
من الأمثلة على ذلك، والتي يتغاضى عنها للأسف من يرمون الشيعة بتحريف القرآن، ما
رووه عن عمر بن الخطاب أنه قال ـ وهو يخطب الناس على المنبر ـ ( ثم إنا كنا نقرأ
فيما نقرأ من كتاب الله : (أن لا ترغبوا عن آبائكم، فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن
آبائكم، أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم) رواه البخاري (6830) ومسلم (1691)
ومنها:
( ألا بلغوا عنا قومنا بأنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا ) [رواه البخاري
(3064)]
ومنها
ما رووه من أن سورة طويلة نزلت، ثم نسخت، ولم يبق من آياتها إلا ( لو كان لابن آدم
واديان من مال لابتغى واديا ثالثا )، واستدلوا لذلك بأن أبا موسى الأشعري أرسل إلى
قراء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاث مائة رجل قد قرؤوا القرآن، فقال : (أنتم خيار أهل
البصرة وقراؤهم، فاتلوه، ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان
قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها، غير أني
قد حفظت منها : (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا، ولا يملأ جوف
ابن آدم إلا التراب)، وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها، غير أني
حفظت منها : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) فتكتب شهادة في
أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة ) رواه مسلم (1050) .. وغيرها من الروايات
الكثيرة التي لا تختلف عن الروايات التي يوردها أمثالهم من إخباريي الشيعة، مع
فارق خطير وهو أن جميع محققي الشيعة يرفضون تلك الروايات، بينما أكثر محققي السنة
يقبلونها.