النضج
الاجتماعيّ المطلوب إلّا بترك الإنسان حرّا فيها، ومنها النضج الفكريّ، لكيلا يعترض
تقدّمه أيّ مانع أو حاجز يحول دون تنمية قابليّاته الّتي ينشدها لتحقيق سعادته،
وبما أنّ الفكر هو من أهمّ ما ينبغي تنميته لدى الإنسان، والتنمية بحاجة إلى
الحريّة كما تقدّم، فالإنسان بحاجة إلى الحريّة في الفكر، لذا تعتبر حريّة الفكر
من حريّات الإنسان الاجتماعيّة، وتدخل في صميم شؤونه الحياتيّة.. وعليه فإنّ
الفكرَ والتفكيرَ عمل ضروريّ وواجب، بل هو من مستلزمات الحياة البشريّة حيث لا
تستقيم بدونه)[1]
وهو
يذكر أن هذه الحرية متاحة حتى في مسائل الدين، لأنه لا يمكن لأي كان أن يقتنع
بالحقائق الدينية ما لم تكن لديه الحرية الكاملة في التعامل معها، يقول في ذلك: (وكذلك
الكلام في مسألة الدِّين، فإنّ الإنسان لا يمكن أن ينضج في القضايا الدينيّة ما لم
يُعطَ الحريّة الفكريّة، أمّا منع الناس من التفكير خشية الوقوع في الخطأ فيعدّ خطأ
فاحش، حيث يؤدّي إلى عدم النضج في قضاياهم الدينيّة والتقدّم فيها)[2]
وعن
سؤال حول موقف الإسلام من الحرية الفكرية، أجاب بقوله: (إنّ الإسلام لم يكتفِ بمنح
حريّة التفكير، بل جعله من الواجبات والعبادات) [3]
واستدل
لذلك بما ورد (من الآيات القرآنيّة الّتي تحثّ على التفكّر، بحيث لا نجد في أيّ
كتاب دينيّ أو غير دينيّ هذا القدر من دعوة الناس إلى التفكير في شتّى المجالات)،
بالإضافة إلى أن (الإسلام لا يقبل الإيمان بأصول العقائد تقليداً، بل يطالب الناس
بالتحقيق في أصول الدِّين، فهو يرى للناس حريّة فكريّة تكون الأساس لقبول الإيمان
بوحدانيّة الله والنبوّة والمعاد، وسائر الأصول الاعتقاديّة مسائل يجب التفكّر فيها والوصول إلى
حقائقها