خالفها
يُحكم عليه بالكفر والبدعة والضلالة، كما تفعل المدارس الإسلامية المتشددة، وخصوصا
السلفية منها، سواء سلفية السنة أو سلفية الشيعة، والتي تحصر العقيدة في متون
تحفظها، وتجعل كل من يخالف حرفا منها كافرا وضالا ومبتدعا.
ولهذا
نرى قادة الثورة الإسلامية في إيران لا يشجعون على هذا النوع من المعرفة، بل يدعون
إلى المعرفة التحققية الذوقية، لأنها حقيقة الإيمان أولا، ولأنها كذلك منبع لكل
الفضائل، بخلاف ذلك الاختصار للحقائق العقدية، والذي مارسته المدارس المتشددة،
والذي حول من العقيدة وسيلة للصراع والجدال، لا الطمأنية والسلام.
وعند
البحث عن التوجه الروحي لقادة الثورة الإسلامية، نجدهم جميعا من ذوي هذه المشارب،
وخصوصا الخميني الذي ألف في ذلك المؤلفات وكتب الأشعار، ولو لم يقم بهذه الثورة،
لأدرج ضمن الصوفية، ولم يدرج ضمن السياسيين.
ومن
أقوله في وصيته العرفانية، مخاطبا ابنه يبين له أهمية المعرفة التحققية الذوقية: (اعلم أن في الإنسان ـ إن لم أقل
في كل موجود ـ حباً فطريا للكمال المطلق، وحباً للوصول إلى الكمال المطلق، وهذا
الحب يستحيل أن ينفصل عنه، كما أن الكمال المطلق محال أن يتكرر أو أن يكون اثنين،
فالكمال المطلق هو الحق جل وعلا، والجميع يبحثون عنه، وإليه تهفو قلوبهم وإن كانوا
لا يعلمون؛ فهم محجوبون بحجب الظلمة والنور، ولهذا فهم يتوهمون أنهم يطلبون شيئا
آخر وهم لا يقنعون بتحقيق أية مرتبة من الكمال، ولا بالحصول على أي جمال أو قدرة
أو مكانة. فهم يشعرون أنهم لا يجدون في كل ذلك ضالتهم المنشودة. فالمقتدرون وأصحاب
القوى العظمى، هم في سعي دائم للحصول على القدرة الأعلى مهما بلغوا من القدرة.
وطلاب العلم يطلبون الدرجة الأعلى من العلم مهما بلغوا منه ولا يجدون ضالتهم التي
غفلوا عنها في ذلك. ولو أعطي الساعون الى القدرة والسلطة، التصرف في كل العالم
المادي من الأرضين والمنظومات الشمسية والمجرات، وكل ما