وبما
أننا ذكرنا في المبحث السابق رؤية الخميني للقيم الروحية؛ فسنذكر هنا رؤية
الخامنئي للقيم الأخلاقية، وإن كان كلاهما من مدرسة واحدة، وكلاهما اهتم بجميع
أنواع القيم التي يقوم عليها النظام الإيراني ابتداء من القيم الروحية، وانتهاء
بالقيم الأخلاقية والحضارية.
فالخامنئي
في كل كتبه وخطبه يركز على الأبعاد الأخلاقية، ويعتبرها الأساس الذي يقوم عليه
الكمال الإنساني، ولذلك فإن المظهر الأول الدال على رقي أي دولة ليس مستواها
الاقتصادي ولا العسكري، وإنما رقيها ورقي شعبها الأخلاقي، يقول في ذلك: (إنّ تبليغ
الدِّين وتبيين الحقائق، الّذي يُعدّ واجب علماء الإسلام والمبلّغين العظام، يشمل
اليوم كلّ تلك الأمور. فلو أنّنا بلغنا أعلى المستويات الاقتصاديّة، وضاعفنا من
قدرتنا وعزّتنا السياسيّة الحاليّة عدّة أضعاف، لكنْ أخلاق مجتمعنا لم تكن أخلاقاً
إسلاميّة، وكنّا نفتقر إلى العفو والصبر والحلم وحُسن الظن، لساء وضعنا)[1]
ولذلك؛
فهو يرى أن الأخلاق هي الأساس الذي تقوم عليه الدولة، ويرى أن من الأدوار المهمة
للحكومة الإسلامية قبل التطور المادي أن تراعي هذه الجوانب، يقول: (الحكومة
الإسلاميّة تهدف إلى تربية البشر في هذا الجوّ، لتسمو أخلاقهم، وليكونوا أقرب إلى
الله، وأنْ يقصدوا القرب منه، فحتّى السياسة لا بُدّ فيها من قصد القربة، والقضايا
السياسيّة لا بُدّ فيها من قصد القربة، فمن يتحدّث في القضايا السياسيّة، والّذي
يكتب عنها، والّذي يُحلِّلها، والّذي يتّخذ القرارات فيها، لا بُدّ لهم من قصْد
القربة)[2]
ويبين
مراده من [قصد القربة]، فيقول: (عندما يبحث الإنسان ويُطالع الأمور وينظر