وانطلاقا
من هذا يتحدث عن آثار التقوى الاجتماعية، ودورها في تقدم المجتمع وتحضره، فيقول: (إذا
اتّصف الشعب أو الفرد بالتّقوى، فستأتيه كلّ خيرات الدنيا والآخرة. فائدة التقوى
لا تنحصر في كسب رضا الله ونيل الجنّة الإلهيّة يوم القيامة، فالإنسان المتّقي يجد
فائدة التّقوى في الدنيا أيضاً، فالمجتمع المتّقي، والمجتمع الّذي يختار طريق الله
بدقّة، ويتحرّك في هذا الطريق بدقّة، فسينال نِعَم الله في الدنيا أيضاً، وسينال
العزّة الدنيويّة أيضاً، وسيلهمه الله العلم والمعرفة بشؤون الدنيا أيضاً. والمجتمع
الّذي يتحرّك في طريق التّقوى يكون جوّه سالماً ومفعماً بالمحبّة والتعاون
والتنسيق بين أفراده)[1]
ويضرب
لهم المثل بتأثير الذنوب حتى لو كانت صغيرة في حصول الهزيمة؛ ومن ذلك ما حصل في معركة
أُحُد، فيقول: (كيف يُقعِد الذنب الإنسان؟ مثلاً في معركة أُحُد تحوّل الانتصار
إلى هزيمة بسبب التقصير الجماعيّ للمسلمين. أي أنّ المسلمين انتصروا في البداية،
لكنّ الرماة الّذين يُفترض أنْ يبقوا عند شقّ الجبل ليحفظوا ظهر الجبهة من النفوذ
والتسلُّل، طمعوا بالغنائم وتركوا متاريسهم وتوجّهوا نحو الساحة، فالتفّ العدوّ من
الخلف ونفّذ هجومه، فمزّق المسلمين وكانت هزيمة أُحُد بسبب ذلك. وقد تحدّثت عشرة
أو اثنتا عشرة آية من سورة آل عمران عن قضيّة الهزيمة تلك، لأنّ المسلمين كانوا
يعيشون اضطراباً شديداً بسبب تلك الهزيمة، وكانت ثقيلة عليهم كثيراً، فجاءت آيات
القرآن تلك لتهبهم الاطمئنان وتهديهم، ولتُفهمهم سبب هزيمتهم وسبب ذلك الضعف، إلى
أن يصل إلى الآية الشريفة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ
الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا
كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾
[آل عمران: 155]، أي ما رأيتموه في معركة أُحُد من استدبار بعضكم للعدوّ وتسبّب
بالهزيمة كانت له أسبابه ومقدّماته، فكان هؤلاء يُعانون