وقد
كتب فهمي هويدي في ذلك مقالا يحسن ذكر بعض ما ورد فيه، باعتباره أكثر المفكرين
والإعلاميين فهما للواقع الشيعي، والإيراني خصوصا، وله في ذلك كتابه المعروف
[إيران من الداخل]، ولست أدري هل هو في رده على تلك الرسالة كان حزينا لعدم تمكن
المصريين من تقبل مثل هذا النوع من الأنظمة، أو أنه كان يرى مصر أرفع وأعظم من أن
تقبل به.
يقول
في بيان أسباب تفرد البيئة الشيعية بالقدرة على تقبل الولاية المطلقة للفقيه:
(ولاية الفقيه فكرة مرتبطة بخصوصية المذهب الشيعي، ثم إنها ليست محل إجماع داخل
المذهب ذاته، ولا نستطيع أن نستوعب الفكرة ما لم نضعها في سياقها التاريخي، ذلك
أنه باستثناء الدولة الفاطمية التي استمرت نحو مائتي عام في مصر وتونس والشام (969
-1172م)، فإن الشيعة عاشوا على مر القرون بلا دولة يستظلون بها، فقام الفقيه بهذه
المهمة، إذ صار هو المظلة التي تحمي وترعى أتباع المذهب، به يلوذون، وإليه يقدمون
زكواتهم ويستفتونه فيما يستشكل عليهم، وتقليد المرجع الديني الحي واجب على
المتدينين)[1]
ثم
بين نوع الولاية التي كان يمارسها الفقيه في البيئة الشيعية؛ فقال: (ولكي يقوم
المرجع بواجباته فإنه يوفر الخدمات للأتباع مما يحصله من مال الزكاة. وهذه الخدمات
تتراوح بين مساعدة الفقراء وإنشاء المدارس والمعاهد والمستشفيات وبعثات الحج
والابتعاث الدراسي إلى الخارج، وله معاونون يباشرون تلك الأنشطة لا يختلفون كثيرا
في أدائهم لوظائفهم عن الوزراء المختصين، كما أن له وكلاء في مختلف الأقطار
يتسلمون الزكوات ويتلقون استفسارات المقلدين، وهم أقرب إلى السفراء فيما يؤدونه من
وظائف)
ثم
ذكر عن نفسه كيف التقى ببعض أولئك المراجع، والأدوار التي كانوا يمارسونها
[1] انظر
مقالا بعنوان: ولاية الفقيه لا تلزمنا، فهمي هويدي، جريدة الوطن الالكترونية،
بتاريخ 19/2/2013 م..