نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 163
ولذلك، فإن إبراهيم كان يعلم أن
الذي أوحى إليه بذلك الأمر إله عظيم خلق هذا الكون جميعا، وقدراته لا حد لها،
وعلمه لا حد له.. فلذلك راح يلغي العقل المحدود، والذوق القاصر، ويسلم نفسه تسليما
مطلقا لصاحب العلم المطلق، والرحمة الواسعة.
وهذا هو الإسلام.. فالإسلام هو
أن نسلم وجوهنا إلى الله.. ولا ندبر معه.. ولا نقترح عليه.. بل نعلم أن أمره لا
يكون إلا لخير أو مصلحة حتى لو جهلناها نحن، ولم تتناسب مع مزاجنا، كما لا يتناسب
الذبح مع مزاج أي أب في الدنيا.. فالمزاج يتناقض مع التسليم.
وهذا ما فهمه إسماعيل أيضا، وهو
الشاب اليافع الذي لم يتردد ولم يحتل على أمر الله، بل بمجرد أن طرح عليه أبوه
القضية راح يرد عليه من غير تفكير ولا تلكؤ، ولا طلب إقناع، فيكفي أن يكون الله هو
الآمر حتى يكون ذلك مبررا لقناعتنا، لقد قال له بكل هدوء: ﴿يَاأَبَتِ
افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ الله مِنَ الصَّابِرِينَ﴾
[الصافات: 102]
ولهذا عقب الله تعالى على تصرف
الأب وابنه تجاه أمره بكونه إسلاما، فقال: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ
لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: 103]
وقد نجح إبراهيم في الاختبار،
لكونه لم يعمل عقله القاصر، ولا مزاجه المحدود، ولا رأيه الضعيف، ولا بيئته الجاهلة،
ولا أي شيء آخر، بل أعمل فقط ما أمره به ربه حتى لو كان ذلك الوحي رؤيا منامية.
وهذا المعنى هو الذي دعا الإمام
الحسين وغيره من الأئمة إلى فهمه، وتعريف الإسلام من خلاله؛ فالإسلام هو دين الله
المعبر عن مرضاته، والله خالق كل شيء، وهو ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ
وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: 23]؛ فلذلك كان الأدب مع الله هو التسليم
المطلق له، مثلما نسلم أنفسنا للطبيب الجراح ثقة منا فيه وفي علمه المحدود وقدراته
القاصرة.
وكل هذا حصل للإمام الحسين الذي
قدم كل ما يملك في سبيل الله، متجردا عن كل
نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 163