نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 162
رضى الله، ولا يهمه النتائج
التي تحصل بعد ذلك.
وقد ضرب الله مثلا لذلك
بإبراهيم ، الذي راح ينفذ كل الأوامر الإلهية من دون أن يجادل أو يحسب أي حساب
للمصالح والمفاسد، ولهذا ذكر الله تعالى أنه هو الذي اختار اسم الإسلام، فقال:
﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ
قَبْلُ ﴾ [الحج: 78]
بل ذكر الله تعالى أنه هو الذي
عرّف هذا الاسم تعريفا فعليا واقعيا واضحا، وذلك عندما أمر بذبح ابنه في رؤيا
منامية.. حينها كان يمكن ـ لو كان إبراهيم يفكر بتلك الطريقة التي يفكر بها من
انتقدوا الحركة الحسينية ـ أن يصيح بملء فيه: (يستحيل أن يصدر هذا الأمر من الله
الرحمن الرحيم).. ثم يستعيذ من تلك الرؤيا، ويعتبرها وساوس شيطانية أنشأها شياطين
الدجل في عقله الباطن.
أو ربما يتنازل، فيعتبرها رؤيا
ملكوتية، لكنه يؤولها بما يفعله الكثير من المتلاعبين بالأحكام الشرعية؛ فيفسر
الذبح بذبح التخلف والفقر والسلبية ونحوها.. أو يفسرها بذبح كل تحكم أو توجيه
لابنه ليتركه يعيش حياته الطبيعية، وكأنه من غير أب، وكأن الأب من غير ابن..
لكن إبراهيم ، والذي يعلم أنه
عبد الله، ومتجرد من كل أهوائه، وأنه لا يملك من أمره شيئا لم يفهم من تلك الرؤيا
إلا أنها أمر إلهي بذبح ابنه.. فهم ذلك مع علمه اليقيني القاطع برحمة الله ورأفته
بعباده، ولكنه يعلم في نفس الوقت أن الله حكيم ولطيف، وأنه لحكمته ولطفه يدبر من
التدابير لعباده ما تتحقق به الرحمة والرأفة في أجلى مراتبها، وإن لم يعلم بادئ
الرأي ذلك، كما قال تعالى حاكيا عن يوسف ، وكيف استشعر لطف ربه العظيم بعد كل
الامتحانات التي مر بها: ﴿ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ
قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ
السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ
بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ
الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [يوسف: 100]
نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 162