وبناء على هذا يمكن اعتبار حياة
الإمام الحسين جميعا نموذجا جميلا وكاملا للأخلاق العالية الرفيعة، وكيف لا يكون
كذلك، وقد رُبي في حجر الطهر والمثل العالية، وقد ورد في الروايات كيف كان رسول
الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) والإمام علي يشرفان
على تربيته، وتنمية الأخلاق العالية فيه.
ومن تلك الروايات ما روي أنه
قيل له: ما تذكر من رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)؟ قال: (أتى رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بتمر من الصدقة، فأخذت منه تمرة فجعلت ألوكها، فأخذها مني بلعابها
حتى ألقاها في التمر) وقال: إن آل محمد لا تحل لهم الصدقة)[2]
فرسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) في هذا الحديث يدرب حفيده على الورع، والذي
يعتبر أصلا من أصول الأخلاق، يحمي صاحبه من كل الرذائل، ويلزمه بكل الفضائل.
وكان الإمام الحسين لا يكتفي
بتلك التوجيهات، وإنما كان يسأل كل حين والده عن الفضائل التي كان يتحلى بها رسول
الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، ومن الأحاديث المشهورة له في ذلك ما روي
عنه أنه قال: (سألت أبي عن مدخل رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، فقال: (كان دخول رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) لنفسه مأذونا له في ذلك، فإذا آوى إلى منزله جزّء دخوله ثلاثة
أجزاء: جزء الله، وجزء لأهله، وجزء لنفسه، ثم جزّء جزأه بينه وبين الناس، فيردّ
ذلك بالخاصة على العامة، ولا يدّخر عنهم منه شيئا)[3]
ثم راح أبوه الإمام
علي يفصل له كيف كان (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) يتعامل مع الناس، فقال: (و كان من سيرته (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) في جزء الأمة: إيثار أهل الفضل بإذنه، وقسمه على قدر فضلهم في
الدين، فمنهم