أعطيك)[1]

ومنها ما روي أنه مر براع فأهدى الراعى إليه شاة، فقال له الإمام الحسين : حر أنت أم مملوك ؟ فقال: مملوك، فردها الحسين عليه فقال له المملوك: إنها لى، فقبلها منه ثم اشتراه واشترى الغنم فأعتقه وجعل الغنم له[2] .

وهكذا كان يراعي مروءته في أحلك الظروف التي مر بها في كربلاء، فقد روي أن زهير بن القين طلب من الإمام الحسين منازلة الحر وأصحابه، قبل أن يجتمع الجيش، وقال له: (بأبي وأمي يا ابن رسول الله، والله لو لم يأتنا غير هؤلاء لكان لنا فيهم كفاية، فكيف بمن سيأتينا من غيرهم ؟ فهلم بنا نناجز هؤلاء، فإن قتال هؤلاء أيسر علينا من قتال من يأتينا من غيرهم)، فقال له الحسين : (إني أكره أن أبدأهم بقتال حتى يبدأوا)[3]

وقد كانت هذه الروايات وغيرها، سببا في ظهور من يطلق عليهم لقب (الفتيان)، وأطلق على سلوكهم لقب (الفتوة)، ولعل هذا الاصطلاح ناشئ من أن أكثر من يتخصص في هذا الجانب يكون من الفتيان والشباب[4]، كما نجد في وقتنا أكثر من ينتسب للكشافة من الشباب والأحداث.

وهي ـ كما عرفها بعضهم ـ (منزلة الإحسان إلى الناس، وكف الأذى عنهم، واحتمال

[1] كشف الغمّة 2/ 207.

[2] المحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، دار الفكر – بيروت، 8/ 514.

[3] أنساب الأشراف ج3، ص176. الكامل فى التاريخ ج4، ص51-52.

[4] اتفق المتحدثون على الفتوة على أن أصلها من الفتى، وهو الشاب الحديث السن، قال الله تعالى عن أهل الكهف: ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً﴾ (الكهف:13)، وقال عن قوم إبراهيم u إنهم قالوا: ﴿ سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ (الانبياء:60)، وقال تعالى عن يوسف u: ﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ﴾ (يوسف:36)، وقال: ﴿ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ﴾ (يوسف:62)