نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 236
طاعته؛
فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم. وأخفى سخطه، فلا تستصغرن شيئا من طاعته؛ فربما وافق
سخطه معصيته وأنت لا تعلم. وأخفى إجابته في دعوته، فلا تستصغرن شيئا من دعائه،
فربما وافق إجابته وأنت لا تعلم. وأخفى وليه في عباده، فلا تستصغرن عبدا من عبيد
الله؛ فربما يكون وليه وأنت لا تعلم)[1]،
وقوله (خير دور الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحرث، ثم بنو
ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير)[2]
ونحب
أن نذكر هنا أن أعداء الإسلام، والنواصب لأهل النبوة وضعوا على لسان الإمام
الحسين بعض الأحاديث التي تتنافى مع القيم التي ذكرها
القرآن الكريم، أو نص عليها أئمة أهل البيت في
أحاديثهم الصحيحة القطعية، ولذلك كان الحكم فيها هو رفضها تطبيقا لما ورد في
الروايات عن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) وعن أئمة
أهل البيت من عرض كل ما يروى عنهم على القرآن الكريم.
ففي
الحديث عن الإمام الصادق ، قال:
خطب النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بمنى، فقال : (أيها
الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم
أقله) [3]
وعنه
قال: (كل شئ مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف) [4]
وقال: (ما جاءك في رواية من بر
أو فاجر يوافق القرآن فخذ به، وما جاءك في رواية من بر أو فاجر يخالف القرآن فلا
تأخذ به) [5]
الإمام الحسين
وقيم الدين الأصيل، ص:237
2 ـ التبليغ العملي للدين:
ونقصد
به التنفيذ العملي للقيم الدينية، وقد كانت جميع حركات الإمام
الحسين مرتبطة بهذا الدور الرسالي الذي ورثه عن أبيه
وأخيه وجده، وأداه مثلما أدوه، حتى استحق ذلك اللقب العظيم الذي استحقوه جميعا،
وهو [القرآن الناطق]؛ فقد كانت سلوكاته جميعا تعبر عن القيم القرآنية والسلوك
الرفيع أحسن تعبير.
ويدل
لهذا تلك الوصايا الكثيرة التي وردت عن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) تنوه به، وتدعو إلى اعتباره إماما وسيدا، ولا يمكن أن يوصي رسول
الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بمن يرى أنه يمكن أن يزيغ أو يضل، ولو في
أبسط سلوك من سلوكاته، وإلا كان أي فعل فعله عرضة للشك والنقد، الذي مارسه للأسف
الكثير من أبناء المدرسة السنية، مع تسليمهم بتلك الأحاديث التي وردت في حقه،
والتي تعتبره إماما للدين، وسفينة نجاة، وقدوة صالحة يُتأسى بها، ويسير السائرون
على هديها، ذلك أن كل النصوص الواردة في حق أهل البيت تنطبق عليه، بإجماع المسلمين
جميعا، بالإضافة للنصوص الخاصة به.
بل
إن القرآن الكريم يشير إلى ذلك في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الله
لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾
[الأحزاب: 33]، وقد رأينا سابقا النصوص الكثيرة الدالة على كون المراد بأهل البيت
في الآية الكريمة هم أصحاب الكساء، والإمام الحسين أحدهم،
والآية واضحة الدلالة على الطهارة بجميع نواحيها.
ومثل
ذلك قوله تعالى في الإخبار عن صفات الأئمة الذين يختارهم الله تعالى لهداية خلقه: ﴿وَإِذِ
ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ
لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 124]، فالآية الكريمة تشير إلى أن هذا المنصب
الإلهي الرفيع لا يمكن أن يناله الظالمون لأنفسهم، وكل معصية ـ ولو صغرت ـ ظلم
للنفس.
بناء
على هذا، فقد كان الإمام الحسين من
صغره الباكر يمارس هذا الدور الرسالي