وقال في موعظة أخرى: (عباد
الله، اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر؛ فإنّ الدنيا لو بقيت لأحد أو بقي
عليها أحد لكانت الأنبياء أحقّ بالبقاء، وأولى بالرضاء، وأرضى بالقضاء، غير أنّ
الله خلق الدنيا للبلاء، وخلق أهلها للفناء؛ فجديدها بال، ونعيمها مضمحل، وسرورها
مكفهر، والمنزلة بلغة، والدار قلعة؛ فتزوّدوا فإنّ خير الزاد التقوى)[2]
وكتب إلى رجل طلب منه أن يعظه
بموعظة موجزة: (مَن حاول أمراً بمعصية الله تعالى كان أفوت لِما يرجو وأسرع لمجيء
ما يحذر)[3]
وكتب إلى آخر يسأله عن خير
الدنيا والآخرة يقول: (أمّا بعد، فإنّ مَن طلب رضى الله بسخط الناس كفاه الله
اُمور الناس، ومَن طلب رضى الناس بسخط الله وكّله الله إلى الناس، والسّلام) [4]
وعندما زار أبا ذر الغفاري الذي
نفي إلى الربذة في عهد عثمان، قال له ـ وهو يعلم أن كلماته ستصل إلى آذان عامة
الناس ـ : (يا عماه، إن الله تبارك وتعالى قادر أن يغير ما قد ترى، إن الله كل يوم
هو في شأن، وقد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وأحوجهم إلى
ما منعتهم! فاسأل الله الصبر واستعذ به من الجشع والجزع؛ فإن الصبر من الدين
والكرم، وإن الجشع لا يقدم رزقا، والجزع لا يؤخر أجلا)[5]
وهكذا وقف ضد تشويه شخصية رسول
الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، والتي حرص الأمويون على
[1]
الأنوار البهية، الشيخ عباس القمي، مؤسسة
النشر الإسلامي، الطبعة: الأولى، ١٤١٧، 45.