نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 69
مختلف أنواع الانفعالات لله، بل
نراهم يصورونها تصويرا تشبيهيا تجسيميا محضا.
ومن ذلك ما ورد في (الرسالة
الأكملية) لابن تيمية، حيث قال: (وقول القائل: إن الضحك خفة روح، ليس بصحيح، وإن
كان ذلك قد يقارنه.. ثم قول القائل: (خفة الروح) إن أراد به وصفًا مذمومًا فهذا
يكون لما لا ينبغي أن يضحك منه، وإلا فالضحك في موضعه المناسب له صفة مدح وكمال،
وإذا قدر حيان؛ أحدهما: يضْحَك مما يُضْحَك منه، والآخر: لا يضحك قط، كان الأول
أكمل من الثاني)[1]
وبهذا المنطق حاول ابن تيمية أن
يثبت ضحك الله، بل وجميع الانفعالات التي تجري على الإنسان، ومن الروايات التي
أوردها في ذلك: (ينظر إليكم الرب قَنِطِين، فيظل يضحك، يعلم أن فَرَجَكُم قريب)،
فقال له أبو رَزِين العُقَيْلِي: يا رسول الله، أو يضحك الرب؟ ! قال: نعم، قال:
(لن نعدم من رب يضحك خيرًا)[2]
وقد علق ابن تيمية على الرواية
بقوله: (فجعل الأعرابي العاقل بصحة فطرته ضحكه دليلاً على إحسانه وإنعامه؛ فدل على
أن هذا الوصف مقرون بالإحسان المحمود، وأنه من صفات الكمال، والشخص العَبُوس الذي
لا يضحك قط هو مذموم بذلك، وقد قيل في اليوم الشديد العذاب إنه ﴿يَوْمًا
عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا﴾ [الإنسان: 10])[3]
ولنتصور مبلغ ذلك التشويه لرحمة
الله تعالى التي شملت كل شيء، وكيف حولها السلفية إلى نوع من السخرية؟ فالرواية
التي أعجب بها ابن تيمية، تصور الله، وهو يضحك على معاناة خلقه واكتئابهم؟.. وهي
صورة تدل على تأثر من صوّرها بصورة أولئك الملوك
[1] الرسالة
الأكملية في ما يجب لله من صفات الكمال، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم
ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي، مطبعة المدني، المؤسسة السعودية، القاهرة،
مصر، الطبعة: 1403هـ/1983م، ص: 55.