نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 11
فهذا الحديث يخبر أن
دين الله أبيض نقي صاف ليس فيه أي دنس أو شبهة تمنع العقل السليم من التسليم له، لكن
هذا الأبيض يمكنه أن يتحول إلى أسود إذا ما اختلط بغيره، فهو لشدة بياضه وجماله
أسرع الأشياء إلى التلوث إذا لم يحافظ عليه.
وفي حديث آخر قال a: (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، وإنكم
إما أن تصدقوا بباطل وإما أن تكذبوا بحق، وإنه ـ والله ـ لو كان موسى حيا بين
أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني)([6])
وهذه النصائح النبوية
الغالية ليست قاصرة على ذلك التراث الذي تسلل إلى المسلمين عن طريق أهل الكتاب،
وإنما تشمل أيضا ذلك التراث العريض الذي ألفه المسلمون، وملأوه بالدخن الذي وقع
فيه أهل الكتاب من قبلهم.
ولذلك.. أقول لك بأنه
لا شك أن لكل شيء في هذا الكون أسراره الكثيرة الخاصة به.. حتى الحروف لها عالمها
وأسرارها وحقائقها.. لكن فرق كبير بين أن تؤمن بعظمة الله تعالى في خلقه وتدبيره
لكونه، وبين أن تدعي معرفة الحقائق المرتبطة به من دون أن يكون لك معلم معصوم
تُحفظ به من أن تقع في الأوهام.
لذلك كان البحث في تلك
العلوم مثل البحث في العلوم التي لا تنفع، والجهل الذي لا يضر.. بل إن العلم بها
قد يضر لأنها توهم صاحبها أنه يعلم حقائق الوجود، ولعله أجهل الناس بها.
لهذا.. فإن علوم النفس
الراضية ـ أيها المريد الصادق ـ ليست من جنس هذه العلوم، بل هي تقرير للحقائق
القرآنية المرتبطة بالوجود والكون والحياة والإنسان وغيرها.. وفيها الكفاية لمن
يريد أن يسلك إلى الله، ويمتلئ بتنزيهه وتعظيمه.. أما التفاصيل المرتبطة