ومن ذلك الشعور بالعجز، والتبري من الحول والقوة، وهو ما يهيئه للتوفيق
الإلهي، ولهذا ورد في الأحاديث النبوية الكثير
من الأذكار التي يرجع فيها المؤمن إلى الله تعالى متبرئا من حوله وقوته ملتجئا إلى
حول الله وقوته، ولعل أجمعها ما عبر عنه a
بقوله لبعض أصحابه: (ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة (لا حول ولا قوة إلا بالله)([197])
وهذا الكنز من كنوز الجنة هو ما يشير إليه قوله
تعالى في حوار المؤمن مع صاحب الجنتين:﴿ وَلَوْلا
إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ الله لا قُوَّةَ إِلَّا بِالله ﴾
(الكهف: 39) أي هلا إذا أعجبتك جنتك حين دخلتها ونظرت إليها حمدت اللّه على ما
أنعم به عليك، واعتبرته من مشيئة الله وقوته لا من مشيئتك وقوتك.
وفي هذا دليل على ما تكسبه هذه الكلمة من تواضع في
نفس قائلها وتأدبه مع ربه تعالى.
ومن الأذكار الواردة في السنة، والتي يتبرأ فيها
المؤمن من حوله وقوته إلى حول الله وقوته ما ورد في دعاء الاستخارة، فهو كله تفويض
ورجوع إلى الله، وتبرؤ من حول العبد وقوته إلى حول الله وقوته، ففي الحديث عن جابر
قال: كان رسول الله a يعلمنا الاستخارة في الأمور كما
يعلمنا السورة من القرآن، يقول a:(إذا هم
أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك،
وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت
علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسميه باسمه خير لي في ديني ومعاشي
وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره، ثم بارك لي فيه، اللهم وإن كنت تعلمه شرا لي في ديني
ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفني عنه،