نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 155
(القصص:56)
ويضرب المثل على ذلك بابن نوح عليه السلام، والذي توفر له كل فرص الهداية
وأسبابها، ولأمد طويل جدا، ومع ذلك رغب عنها، قال تعالى: ﴿ وَنَادَى نُوحٌ
ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ
الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا
عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ الله إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا
الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هود: 42، 43]
ومثله أخبر عن زوجتي لوط ونوح عليهما السلام، قال تعالى: ﴿ ضَرَبَ
الله مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا
تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا
عَنْهُمَا مِنَ الله شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾
[التحريم: 10]
وفي مقابل ذلك ذكر امرأة فرعون، التي عاشت في بلاط الضلالة، ولكن
قابليتها للهداية جعلتها من المهتدين، قال تعالى: ﴿وَضَرَبَ الله مَثَلًا
لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ
بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ
الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [التحريم: 11]
وقد ورد في الحديث عن رسول الله a: (عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل
والرجلان، والنبي وليس معه أحد)([204])
بالإضافة إلى ذلك، فإن الإيمان بتولي الله تعالى لشؤون الهداية والضلال
يحمي المؤمن من تلك العقد التي تسببها رؤيته لانتشار الضلالة، وكثرة الواقعين
فيها، ولهذا يتكرر في القرآن الكريم النهي عن الحزن لضلال الضالين، لأن ذلك لا
يخرج عن إرادة الله في خلقه، قال تعالى:﴿ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ
عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ (فاطر: 8)،