نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 154
جَمِيعاً فَإِنَّ الله لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ&﴾ (ابراهيم: 8)
وقد ورد في الحديث القدسي الجليل:(يقول اللّه تعالى: يا عبادي لو أن
أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً،
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك
من ملكي شيئاً، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد
خيراً فليحمد اللّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)([203])
وزيادة على كل تلك المعاني النفسية التي تفرزها تلك المعارف الإيمانية؛
فإن لها أيضا تأثيرها الاجتماعي الكبير، ذلك أن المؤمن بكون الهداية من الله
تعالى، وأنه لا يمكن لأحد من الناس أن يفرضها على غيره كرها، يجعله مسالما لغيره،
يوفر له أسباب الهداية، ثم يتركه بعد ذلك ليختار القرار المناسب، ولهذا نهي عن
الإكراه على الإيمان، فقد عقب الله تعالى قوله:﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ
لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً﴾ (يونس: 99) بقوله:﴿
أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِين﴾ (يونس: 99)
ويذكر سر ذلك، وهو أن كتابة الإيمان في القلب فضل من الله، وهذا الفضل لا
يكون إلا بإذنه، كما قال تعالى:﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ
إِلَّا بِإِذْنِ الله وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ
﴾ (يونس:100)
بالإضافة إلى ذلك؛ فإن الله تعالى يطمئن المبلغين والدعاة والهداة إليه،
أنه في حال عدم تحقق الهداية في الذين تولوا دعوتهم، لا يعني ذلك تقصيرهم، ولا عدم
أدائهم لوظائفهم التي وكلت إليهم، وإنما يدل ذلك على عدم القابلية في أولئك
المدعوين، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ
الله يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾