ويخبر أن من مظاهر لطف الله بعباده تقدير الأرزاق عليهم، قال
تعالى:﴿ وَلَوْ بَسَطَ الله الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ
وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾
(الشورى:27)
ويخبر بأن أكثر الناس لا يدركون هذه الحقيقة، بسبب جهلهم واستعجالهم وعدم
تأملهم، قال تعالى: ﴿قلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ
وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (سـبأ:36)
ويصرح في آيات أخرى بأن هذه الحقيقة لا يذعن لها إلا المؤمنون الواثقون
بربهم، المسلمون له شؤون تدبير مملكته، قال تعالى:﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ
الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ
لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (الروم:37)، وقال:﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمُوا
أَنَّ الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ (الزمر:52)، وقال: ﴿ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ
عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ الله وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ الله يُؤْتِيهِ مَنْ
يَشَاءُ وَالله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ (الحديد:29)
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن لهذه المعرفة آثارها
الكبيرة في النفس، بل يستحيل أن تتحقق بالرضا والطمأنينة من دونها، وأول تلك الآثار
حمايتها من اتهام الله تعالى بالبخل، أو عدم إجابة من سأله، لأنها تعلم أنه ما
حرمها إلا لكون ذلك مصلحة لها، فتسلم له في كل شيء، ثقة ورضا.
وذلك ما يجعلها تعيش في سكينة وطمأنينة ورضا، تحميها من أن تقع فيما يقع للغافلين
من ندب حظهم المتعثر الذي أوقعهم في الفقر بينما يتنعم الجاحدون بما شاءوا من
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 185