نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 234
العين، وليس قاصرا كذلك على شيء بعينه.
ثم بين أن (كل شيء جماله وحسنه في أن يحضر كماله اللائق به الممكن له،
فإذا كان جميع كمالاته الممكنة حاضرة فهو في غاية الجمال، وإن كان الحاضر بعضها
فله من الحسن والجمال بقدر ما حضر) ([293])
فكل شيء حسنه اللائق به، والذي تجتمع فيه جميع كمالاته، فحسن الفرس ـ
مثلا ـ هو أن يجمع كل ما يليق بالفرس من هيئة وشكل ولون وحسن عدو وتيسر كرّ وفرّ
عليه، وحسن الخط هو أن يجمع كل ما يليق بالخط من تناسب الحروف وتوازيها واستقامة
ترتيبها وحسن انتظامها.
فلكل شيء كماله الذي يتناسب معه، والذي قد لا يتناسب مع غيره، فلا يحسن
الإنسان بما يحسن به الفرس، ولا يحسن الخط بما يحسن به الصوت، ولا تحسن الأواني
بما تحسن به الثياب، وكذلك سائر الأشياء.
وهذا الحسن الناتج عن الكمال لا يتعلق فقط بالمحسوسات، بل إن الحسن
والجمال موجود في غير المحسوسات، فيقال:(هذا خلق حسن، وهذا علم حسن، وهذه سيرة
حسنة وهذه أخلاق جميلة)
وكل هذه المعاني التي يتفق البشر على جمالها محبوبة، والموصوف بها محبوب
بالطبع عند من عرف صفاته، ولهذا جبلت الطباع السليمة على حب الأنبياء عليهم السلام
وحب الصالحين والعلماء، مع أنهم لم يروهم.
ويذكر مثلا معاصرا له، وهو ما يفعله المتعصبون للمذاهب من مظاهر تدل على
مدى حبهم لأئمتهم، فقال:(حتى أنّ الرجل قد يجاوز به حبه لصاحب مذهبه حدّ العشق