وهو يدل على أنه سبحانه من أعطى كل شيء خلقه،
وتولى أمره ورزقه في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى عن موسى عليه السلام، وهو يصف
عطاء ربه: P قَالَ رَبُّنَا الذِي أَعْطَى كُل
شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى O (طه:50)،
وقال عن عطاء الآخرة:P وَأَمَّا الذِينَ سُعِدُوا فَفِي
الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاء
رَبك عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍO (هود:108)
وعطاء الله قد يكون عاما أو خاصا، فالعطاء العام
يكون للخلائق أجمعين، والعطاء الخاص يكون للأنبياء والمرسلين وصالح المؤمنين، فمن
العطاء العام ما ورد في قوله تعالى:P كُلاً
نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ
مَحْظُوراً O (الإسراء:20)، والمراد به تمكين
العبد من الفعل ومنحه القدرة والاستطاعة، كل على حسب رزقه أو قضاء الله وقدره.
ومن العطاء الخاص استجابة الدعاء وتحقيق مطلب
الأنبياء والصالحين الأولياء، ومن ذلك الدعاء والعطاء في قول سليمان عليه السلام:P
رَبِّ اغفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلكا لا يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ
أَنتَ الْوَهَّابُ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ
أَصَابَ وَالشَّيَاطِينَ كُل بَنَّاء وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي
الأَصْفَادِ هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَو أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ O
(ص:39)، وكذلك في دعاء زكريا عليه السلام حيث قال:P
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ
لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً O (مريم:5)،
فحقق الله عز وجل مطلبه وأعطاه ما تمناه فقال:P
يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ
مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً O (مريم:7)،
وقال عن عطائه للمؤمنين في الآخرة:P جَزَاءً
مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً O (النبأ:36)
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 245