نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 285
الشجاع) دل ذلك على ان أكبر منجزات هذا الملك مؤسسة على شجاعته، وإن قيل:
(حكم الملك العادل) دل ذلك على أن أبرز ما يظهر في مملكته هو عدله، وهكذا.
وهذا ما نفهمه من الآية الكريمة، فهي لم تقرر معنى الاستواء بقدر ما قررت
معنى الرحمة التي على أساسها يحكم الكون، وبناء على هذا نرى القرآن الكريم يقرن كل
شيء باسمه الرحمن، ولهذا ورد في البسملة التي هي آية من كل سورة اسم [الرحمن
الرحيم]، واعتبار كل شيء بدئ منطلقا من رحمة الله تعالى ورحيميته.
ومثل ذلك سورة الفاتحة التي جاء فيها ذانك الاسمان بين ربوبية الله تعالى
للعالمين، ومالكيته ليوم الدين، وهي تعني أن الرحمة الإلهية هي المهيمنة على
المجالات جميعا مكانها وزمانها وأنواعها.
ولهذا توصف الرحمة الإلهية بالسعة، كما قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي
وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ (الأعراف: من: 156)، وقال: ﴿فَإِنْ
كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ
الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ (الأنعام:147)
أما الصراع الموجود بين الكائنات، فهو صراع دخيل عليها، وناشئ عن
التكاليف التي أنيطت بها، وليس ناشئا عن حقيقة الكون، أو مصدره، أو تدبيره.
ولذلك عندما أخبر الله تعالى الملائكة عن استخلاف الإنسان، ذكروا الصراع
المحتمل لذلك الاستخلاف، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ
لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ
فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ
وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة:
30]
وقد ذكر الملائكة عليهم السلام ذلك بناء على معرفتهم أن الاستخلاف يعني
تمكين الإنسان من خيارات مختلفة متناقضة، ليختار ما يتناسب مع طبيعته، كما قال
تعالى عن الإنسان: ﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا
وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ [البلد: 8 –
10]
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 285