نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 290
الحكومات حتى تخفف الزّيادة السّريعة في السكّان..
ومن تلك السياسات ما يسمى بسياسة [اضطهاد الفقر].. وهو ليس اضطهادا
للفقر، وحربا له، وإنما اضطهاد للفقراء ومحاربة لهم.. وقد نُفذ فعلياً في القرن
التاسع عشر في بريطانيا، فأنشئ النظام الصناعيّ الّذي جعل أطفال الثّمانية
والتاسعة يعملون 16 ساعة في اليوم، وفي مناجم الفحم، والآلاف منهم ماتوا في ظّروف
قاسية.
ولم يقتصر الأمر على السياسيين والاقتصاديين، بل تعداه إلى العلماء
والفلاسفة، حيث انتشرت النظريات العلمية التي تجعل الصراع أصلا من أصول الكون.
ولعلك تعرف أن [نظرية التطور] التي هيمنت على الفكر البشري مدة طويلة، نظرية
مبنية على أساس الصراع بين الكائنات، كما عبر عن ذلك صاحبها في إحدى مقدماته
الأساسية عند تطوير نظريّته، فقد قال: (إن تطور الكائنات الحيّة يعتمد على الصراع
من أجل البقاء، والأقوى ينتصر في الصّراع، والأضعف يُحْكَم عليه بالهزيمة
والاندثار.. ووفقاً لذلك، كان هناك صراع قاس، ونزاع أبديّ في الطّبيعة من أجل
البقاء.. ودائمًا القوي ينتصر على الضّعيف، حتى يتم التطور)
وهكذا اعتبر رواد هذه النظرية الصراع من أجل البقاء منطبقا على البشر،
ولهذا ادعوا أن [السلالات المفضلة] هي المنتصرةً في الصّراع، وهم طبعا يقصدون
الإنسان الأبيض الأوروبي والأمريكي على وجه الخصوص.. أما السلالات الإفريقيّة أو
الآسيويّة فيعتبرونها متخلفة في الصّراع، وأنها ستفقد قريبًا أثناء عملية الصّراع
من أجل البقاء، وبالتالي سيختفون.
ولم يكتف المصارعون بكل ذلك، بل راحوا ينشرون النظريات والأفكار
الشيطانية التي تدعو إلى ممارسة كل الوسائل التي تزيل المستضعفين من الوجود حتى لا
يبقى في العالم
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 290