وقال آخر: (الله خلق
الأرواح على ثلاث مراتب لا رابع لها: أرواح ليس لهم شغل إلا تعظيم جناب الحق، ليس
لهم وجه مصروف إلى العالم ولا إلى نفوسهم، قد هيمهم جلال الله واختطفهم عنهم فهم
فيه حيارى سكارى. وأرواح مدبرة أجساماً طبيعية أرضية، وهي أرواح الأناسي. وأرواح
الحيوانات)([357])
وذكر بعضهم الغذاء
المرتبط بكل الروح، أو المجال الذي تعمل فيه، فقال: (غذاء الأرواح في ثلاثة أشياء:
أرواح الأجلة الأنبياء: غذاؤها بلطائف خطابها، تجدهم يسأمون بكل ما يفتخر به الخلق
من أنواع الطاعات أو التزين بالعبودية.. وأرواح الصديقين والصالحين: غذاؤها
بملاحظاته، تزداد على الأوقات نوراً وتبصرة.. وأرواح العامة: تأخذ غذاءها من كل
مأكول ومشروب)([358])
هذا جوابي على أسئلتك ـ أيها المريد الصادق ـ فاحرص على أن تكمل روحك،
وتزودها بالمزيد من الطاقات التي تهيئ لها الترقي إلى العوالم الجميلة التي لا
يمكن أن تنال السعادة من دونها.
فالفرق بين روحك وجسدك أن جسدك لا تزيده الأيام إلا تعبا ومرضا وألما..
أما روحك ـ إن زكيتها وهذبتها ـ فإن الأيام لن تزيدها إلا قوة وصلابة وانفتاحا
ولذة، وقد قال الشاعر معبرا عن ذلك:
يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته
***
***
لتطلب الربح في ما فيه خسران
[356] عمر السهروردي، عوارف المعارف (بهامش
إحياء علوم الدين للغزالي) ج 5، ص 216.