نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 316
قسوته وظلمه وجبروته، وأنه أحسن للمدرسة الثانية بناء على فقدانه للعدل،
ولو أنه كان عادلا لتعامل مع الجميع بصفة واحدة.
وبعد أن توضح السورة الكريمة الدوافع التي دفعت لنشأة الكون، توضح الغاية
التي يسير إليها، والتي تقوم الرحمة الإلهية بتسيير الخلق نحوها، وهي ما عبر عنه
قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2]
وهذه الآية الكريمة توضح أصلا مهما جدا، لا يمكن فهم حقائق المبدأ
والمعاد من دونه، فأول الآية يدل على الغاية، وآخر الآية يدل على المنهج..
أما أول الآية، فهو [الحمد لله]، وهو غاية الكون، أي التعريف بكمال الله
تعالى الذي لا نهاية له، وقد اختار الله من أسمائه للدلالة على هذا اسمه [الله]،
وهو الجامع لجميع الأسماء الحسنى.. وبذلك فإن الغرض من الكون هو التعريف بأسماء
الله الحسنى التي لا نهاية لها، والتواصل مع الله عبرها.
وأما الطريق إلى ذلك، أو المنهج المؤدي إليه، فقد تكفل به اسم [رب العالمين]،
وهو اسم من أسماء الله الحسنى الدالة على الأفعال، وهو تجل لاسم الرحمن الدال على
الذات، وهذا الاسم مشتق من التربية، وهي تعني ترقية الشيء من حال دنيا إلى حال
عليا، كما ورد في الحديث عن رسول الله a أنه قال: (من تصدق بعَدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب؛ فإن
الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل
الجبل) ([363])
وهو ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا
يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا
أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلى الظُّلُمَاتِ
أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 257]