نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 317
والظلمات تشمل كل شيء ابتداء من الجهل وانتهاء بكل السلوكات المنحرفة
التي لا تنسجم مع الموازين والنظام الذي يسير به الكون.
ولذلك فإن اسم [رب العالمين]، هو الاسم المتكفل بهداية العباد، ورفعهم من
حالتهم البسيطة إلى حالة أرقى، وذلك ما يستدعي وضع برنامج خاص يمر به الإنسان على
مجموعة كبيرة من الاختبارات، وعلى أساسها يكون الترقي.
وكمثال تقريبي لهذا ما تقوم به وزارات التربية، والتي تستلم الأولاد
الصغار في مرحلة مبكرة من عمرهم، ثم تبدأ في تنفيذ برامجها، وتعقيدها كل حين، حتى
يتخرج منها أكبر قدر من الناجحين، وهي عندما تعاقب بعضهم بالطرد لا تفعل ذلك إلا
بناء على عدم اهتمامهم، أو تمردهم على النظام الذي تسير عليه تلك المؤسسات، أو خشية
على المؤسسات التربوية من أن تصبح مؤسسات للمشاغبين بدل أن تكون مؤسسات لطلبة
العلم.
ولهذا ذكر الله تعالى في الآية السابقة أن المؤمنين المسلمين والمستسلمين
لله وقوانينه، سوف يخرجون من الظلمات إلى النور، بينما غيرهم، وهم الذين سلموا
أنفسهم للمشاغبين والطواغيت، فإنهم سيسيرون سيرا عكسيا، بحيث لا يكتفون بالخروج عن
فطرتهم النقية، وإنما قد يقعون في الانتكاسة العظمى التي تخرجهم من إنسانيتهم،
وتوقعهم في المهالك.
ولكن الله تعالى برحمته التي وسعت كل شيء يعطي الفرص الكثيرة التي لا
تنتهي لأولئك الذين آثروا الظلمات على النور لعلهم يخرجون منها؛ فإن آثروا البقاء
فيها كان ذلك بسببهم، وليس قصورا من الرحمة الإلهية، ولذلك؛ فإن المشكلة ليست في
سعة الرحمة الإلهية، وإنما في توفر القابلية لها..
وكمثال تقريبي على ذلك، أننا لا نرمي شخصا بالبخل إلا إذا شحت يده عما
يتطلبه الكرم من الإحسان، لكنه إن فعل ذلك، ووفر الكثير من الخدمات للمحتاجين بكل
سهولة
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 317