نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 323
ويعرفها بوظيفتها، وبمقتضيات هذه الوظيفة، ولذلك
نبه من قد يتصور أن الأنبياء مقصورون على ما ورد ذكرهم في القرآن الكريم إلى وجود
غيرهم، فقال تعالى:﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ
مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ (غافر:
78)
ولذلك، كان من
الأخطاء الشائعة الكبرى اعتقاد النبوة خاصة بمناطق معينة كالشام والحجاز ونحوها،
بل إن النبوة تشمل الأرض جميعا، ولكن القرى لم تلق بالا لهؤلاء الأنبياء، فلذلك
نسوا، وأهمل ذكرهم، أو حرفت تعاليمهم.
ولذلك كان من
عدل الله ورحمته بخلقه أن لا يحاسبهم إلا بعد إرسال الرسل إليهم، كما قال
تعالى:﴿ ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ
وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ﴾ (الأنعام:131) أي إنما أعذرنا إلى الثقلين بإرسال
الرسل وإنزال الكتب لئلا يؤاخذ أحد بظلمه وهو لم تبلغه دعوة، ولكن أعذرنا إلى الأمم
وما عذبنا أحد إلا بعد إرسال الرسل إليهم.
وأما القانون الثالث من قوانين التكليف والجزاء، فهو أن الله تعالى برحمته جعل التكاليف متناسبة
مع الطاقات المعطاة، والمؤهلات المختلفة لكل مكلف؛ فليس من العدل أن يكلف
المكلف فوق ما تحتمله طبيعته التي طبع عليها أو الظرف الذي وجد فيه، وإلى هذا
الإشارة بقوله تعالى:﴿ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا
آتَاكُمْ ﴾ (المائدة: 48)
وقال جامعا بين الخلافة
والبلاء:﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ
بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ
رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (الأنعام:165)
ولهذا تقترن العبادات بالاستطاعة،
بل إن الله تعالى برحمته نوع التكاليف لينال كل امرئ ما يتناسب مع وضعه وطبيعته
وحاله، فلا يميز الإنسان إلا بحسب عمله.
بل إن الله تعالى عوض من لا يستطيع
عملا من الأعمال بأعمال أخرى يمكنه من
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 323